Thursday, August 28, 2008

ندوة الرياض الهامة

ليبراليو السعودية في ندوة ثقافية
2006 الجمعة 3 مارس
سلطان القحطاني من الرياض: وسط تدابير أمنية مشددة عقدت امس الخميس ندوة عن التعليم ودوره في ثقافة الإصلاح التي تعتبر الأخيرة في ظل معرض
حضور من مختلف الأطياف الفكرية في السعودية لرياض الدولي للكتاب، وشهدت تكتلاً واسعاً من قبل ليبراليي السعودية بعد ذلك التكتل الإسلامي الذي شهدته ندوة سابقة تم خلالها إهانة مسؤولين سعوديين بشكل رسمي من قبل متشددين إسلاميين، وهو الأمر الذي استدعى اليوم زيادة التعزيزات الأمنية لحماية المشاركين في الندوة
والندوة التي اعتذر عنها الداعية الإسلامي الشيخ عائض القرني بسبب موعد له مع نائب الرئيس الإندونيسي، وحضرها كل من الدكتور عبدالله الغذامي وأحمد الربعي وهند الخثيلة ،حظيت بحضور واسع غصت به الخيمة البيضاء الواسعة نوعاً ما،في حين لم يكن الحضور النسائي بذلك المستوى الكبير رغم تذمر بعض الحاضرات من تصرفات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،وهي بمنزلة الشرطة الدينية في السعودية،والتي قيدت حريتهن في لبس الحجاب.
وعلى الرغم من أن البداية كانت للدكتور عبدالله الغذامي الذي قبلها مكرهاً بعد أن كانت رغبته في أن يكون آخر المتحدثين لكن قسما غليظاً من قبل الدكتور أحمد الربعي جعله يتنازل عن هذه الرغبة،وبذلك قرر أن يقدّم الدكتورة هند الخثيلة للحديث أولاً في الندوة،التي دعت في كلمتها إلى إحداث قفزات نوعية في البنية الثقافية السعودية،في ظل عدم استطاعة المؤسسات التعليمية "التخلص من التجارب السلبية"،وأنها أهملت الوعي للقيمة المهنية ما أدى إلى "غياب روح الفريق الواحد وانتشرت ظاهرة العمل الفردي".

الكاتب السعودي عبدالله الغذامي يلقي كلمته قالت الخثيلة في سياق ورقتها إن التعليم المهني في السعودية ما زال يُنظر إليه على أنه أدنى مرتبة في سلم التعليم وأنه مخصص للعوام فقط.وطبقاً لما تراه فإن "عدم وضوح الفلسفة السياسية للتعليم أدى إلى تفشي أساليب العنف والتطرف لحسم النزاعات الفكرية،وقادت إلى حالات من عدم الاتفاق وعلى ضوئه يُقترح مبدأ المشاركة في صنع القرار".
وبتقديمها كمتحدث أول في الندوة يكون المفكر السعودي الغذامي قد سدد ضربة للتيارات المتشددة بأن جعل امرأة أول المتحدثين في الندوة التي قومها مفكرون ذكور،وهو ما يسبب الضيق في نفوس إسلاميين سعوديين بدوا متأففين من هذا الفعل.
ومضت الخثيلة بصوت واثق تقول:"نحن بحاجة إلى أُطر تتمشى مع ثقافة الإصلاح وفقاً للرؤية الإسلامية وللاتجاهات الحديثة".وطالبت بـ"التصدي لظاهرة الأمية وتوسيع التعليم المهني وترقية الكفاية الداخلية من النظام المهني".

وكانت الدكتورة هند الخثيلة التي أمضت نحو ربع قرن في السلك التعليمي السعودي تتحدث من خلف ساتر أبيض واسع في آخر القاعة يضم القسم النسائي الذي
الكاتب الكويتي أحمد الربعي وهو يلقي كلمته في الندوه يشارك صوتاً فحسب،إذ لا يسمح في المملكة السعودية المحافظة بأن تكون هناك مؤتمرات ثقافية مختلطة بين النساء والرجال،الأمر الذي ينسحب على كل المجالات باستثناء المؤتمرات الطبية
كانت الخثيلة قد أثارت حفيظة أصوليين سعوديين وقت انعقاد مؤتمر الحوار الوطني السعودي الأول في الرياض،حينما ظهرت وهي ترتدي حجاباً يُحيط بوجهها ولا يغطيها وتتحدث مع مثقفين سعوديين،ما جعلها في عين العاصفة الأصولية لعدة أشهر.
ورفع منظر الحداثة الفكرية في المملكة العربية السعودية الدكتور عبدالله الغذامي قصاصة من صحيفة سعودية نشرت اليوم وحملت خبراً حول وجود مجموعات متشددة تريد أن تلقن الغذامي درساً خلال الندوة الثقافية التي تُعقد اليوم الخميس،وهو الأمر الذي أعلن أنه سينصاع له بالتأكيد قائلاً:"سأكون تلميذاً نجيباً لأي إنسان يريد أن يلقنني درساً".

جانب من الحضور الكثيف الذي شهدته الندوه تحدث الغذامي عن الداعية الإسلامية المعتذر عن الندوة الدكتور عائض القرني واصفاً إياه بالصديق الغائب،الذي بسببه قرر أن يعتذر عن حضور مؤتمر عربي في الإسكندرية بسبب هذه الندوة التي يكون فيها جنباً إلى جنب جوار الشيخ القرني،الذي لم يسبق له وأن جلس جواره من قبل.
وسرد على الحضور قصة اتصال الشيخ به على هاتفه المنزلي قائلاً له إننا نريد أن نقدم ندوة إيجابية.يعلق الغذامي على ذلك بالقول:"كانت درجة علاقتي به (القرني) شيئا من التقدير،لكنها تحولت إلى محبة له.لقد صدمت باعتذاره عن الندوة "
وفي سياق ورقته عبر عن إيمانه بنظرية المؤامرة:"أنا خريج الستينات والتيار العروبي الذي يرى أن أميركا ضدنا.أنا مؤمن بوجود المؤامرة وهي ليست من أميركا فقط.المؤامرة نسق تاريخي موجود.هي حقيقة تاريخية موجودة.نحن لو كان بأيدينا لتآمرنا على أميركا.المؤامرة صراع حيواني الكبير يأكل الصغير"

وقال الغذامي إن "التعليم ثغرة" لا بد من الالتفات إليه بشكل جدي. سردتفاصيل حضوره ندوة الداعية الإسلامي الشيخ سلمان العودة الذي يعتبره مراقبون أنه رأس الإسلام السياسي في المملكة العربية السعودية،وأنه كان حضوراً يندرج في إطار المجاملة لكنه تحوّل إلى أبعد من ذلك،إذ حمد الله على حضوره إلى تلك الندوة حسب ما قال أمام الحضور الذي يجاوز الألف،في احتشاد ثقافي لم يسبق له مثيل سوى تلك الأمسية الشعرية للشاعر العراقي الجواهري قبل أعوام،آن هبت الرياض عن بكرة أبيها لحضور الأمسية،وكانت سابقة ثقافية في تاريخ العاصمة الصحراوية
وتحدث الغذامي عن الشيخ عبد الرحمن السعدي الذي كان جاراً له وأباً روحياً بأنه أفتى قبل سبعين سنة بإمكانية الرجم بعد الزوال لو كان في صالح المسلمين وأن الفتوى كانت مختفية ولم يتطرق لها أحد من العلماء المسلمين،وتم إغفالها من قبل تيارات إسلامية ذات رؤية متشددة.
والتقطت عدسات التصوير صورة لرجل دين سعودي يحمل رضيعة في يده لم يعرف سبب ذلك،رغم ما قاله بعض الحضور بأنها طفلة لقيطة كان يود ان يستغلها محوراً للحديث بقوله أن هذا ما أنتجته لنا ثقافة الحداثة والليبرالية.
وبحديثه عن العودة يكون الغذامي قد وجه ثاني لفتة إلى التيار الإسلامي المحافظ عبر الإشارة الإيجابية لرمزية العودة والقرني،ومن ثم يتحدث عن تتلمذه على يد رجال دين سعوديين آخرين كان من بينهم الشيخ محمد بن عثيمين،بعد أن كان الغذامي خلال عقدين وأكثر تحت مرمى النيران الأصولية التي ترى فيه خصماً لها،من خلال أطروحاته التي كانت تعمل النظر في الحداثة وتفاعلها سعودياً
ختم الدكتور عبدالله الغذامي ورقته بأربع جمل:"منهجنا فيه عيوب كثيرة.منهجنا لن يُصلح أحداً،إذاً لن يُصلح نفسه.أرجوكم أرجوكم لا تدافعوا عن منهجنا.أعد من أراد أن يلقنني درساً أن أكون له تلميذاً نجيباً".
رأى الدكتور أحمد الربعي أن الرياض هي العاصمة "الأحوج إلى الحوار". وقال:"أعتقد أن هناك حراكاً فكرياً مهماً جداً في هذه المدينة.هذا الحوار هو البديل عن حوار القتل وحوار الإرهاب والإقصاء".في إشارة إلى الهجمات الإرهابية التي يقوم بها إسلاميون متطرفون في السعودية منذ نحو عامين ينتمون إلى تنظيم القاعدة.
وأفصح الربعي عن تشاؤمه:نحن في مرحلة لا أحد يعلم إلا الله إلى أين ستأخذنا.قتل،سيارات مفخخة،جز رؤوس.نحن في بيئة أزمة.إذا أردنا أن نتطور علينا أن نعترف أننا مجتمعات تعددية".
وختم قائلاً:"الوطن للجميع.لابد أن يكون هناك تعليم لتعليم الانتماء إلى الوطن.نحن بحاجة إلى ثورة في التعليم.نحن بحاجة إلى تغييرات جذرية في التعليم.لابد أن يكون هناك مشروع وطني للتعليم يشتغل عليه مختصون برفقة صناع القرار.نحن لدينا الإمكانية لأن نفعل ما هو أكبر مما لدينا الآن".
وجاء دور المداخلات التحريرية والشفوية التي أنهك القاص السعودي مدير الندوة عبدالله الناصر محاولات ضبطها للالتزام بالوقت المخصص بواقع دقيقتين لكل مداخلة،إذ إنه وعلى الرغم من التنافر بين الليبراليين والإسلاميين السعوديين فإنهم بدوا سواء في عدم الالتزام بالوقت،وهي صفة عربية أصيلة كما علق حضور
.
وتساءلت إحدى المداخلات عن جدوى منع كتب سيد قطب في حين أن كتب الإلحاد والبعث تباع علناً،في حين أبدت الكاتبة السعودية أميرة كشغري تذمرها من المطاردة الدينية لها مطالبين بتغطية وجهها.
وخلال حديث متبادل ما بين الشيخ محمد الفراج والدكتور عبدالله الغذامي علت أصوات شباب إسلاميين مطالبين الغذامي بعدم مقاطعة الشيخ الفراج الذي أشار لهم بيده طالباً الصمت،بينما تحدث الغذامي بهدوء بعدها قائلاً إنه من توسط لكي يتحدث الشيخ الفراج،وإنه يوجه هذا الكلام للشخص الذي رفع صوته .
والشيخ الفراج كان من حضور الندوة التي شارك فيها رئيس تحرير صحيفة الرياض تركي السديري والوزير السعودي السابق محمد عبده يماني والمفكر الكويتي الدكتور محمد الرميحي،وشهدت أكبر أزمة في تاريخ المهرجانات الثقافية السعودية بعدما أهان متشددون المشاركين في الندوة،وطالبوا بإقالة وزير الإعلام السعودي الحالي الدكتور إياد مدني.
علق مثقف سعودي في حديث مع "إيلاف" على "ندوة الغذامي" كما سماها قائلاً:"لقد انتصر العقل اليوم"،في إشارة إلى الهدوء الأخلاقي الذي غلف اختلافات الطرفين السعوديين اللذين هم على شقاق دائم بعيد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)،وما تبعها من رياح تغيير تهب على المنطقة.