26/12/2006
الشرق الاوسط
مع التصعيد الإيراني للأزمة النووية تذكرت تلك القصة المعروفة التي تقول ان احد المحللين السياسيين كتب بحثا عن حتمية انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، وكان ان رد عليه الكثيرون متسائلين: ألم تشاهد الاستعراضات العسكرية الضخمة في الساحة الحمراء في موسكو؟ ألا تشاهد الصواريخ العابرة للقارات، ألا تعلم كم رأسا نوويا يمتلك الاتحاد السوفيتي؟ كيف يمكن ان تنهار قارة بهذه القوة العسكرية وبوجود حزب حديدي يحكمها؟كان جواب المحلل السياسي بسيطا.. نعم اعرف كل ما تقولونه لقد ذهبت الى موسكو ورأيت طوابير الجنود والضباط، وعرفت تفاصيل القوة العسكرية الضخمة، ولكن هذا كله لا علاقة له بتوقعاتي لانهيار الاتحاد السوفيتي. لقد تأكدت من المستقبل المظلم لهذه الدولة العظيمة عندما رأيت الطوابير الطويلة للروس تقف ساعات من اجل الحصول على رغيف خبز او قطعة لحم؟!التصعيد الايراني الجديد والعنيف ضد المجتمع الدولي، وقول احمدي نجاد ان قرارات مجلس الامن حبر على ورق، وان ايران ستنتصر على اميركا واسرائيل يدل على مشكلة حقيقية في طهران! وهي مزيج من الجهل بأوضاع المجتمع الدولي، والجهل بالوضع الداخلي الايراني، والاعتقاد الخاطئ بقوة وهمية لايران، وقراءة ايديولوجية دينية بحتة لا علاقة لها بالعلاقات الدولية ولا بموازين القوى! ما تفعله ايران فعله الكثيرون. العقيد القذافي تحدى المجتمع الدولي، واعتقد ان كتابه الاخضر سيسود العالم، وأنفق الملايين على الجماعات الارهابية من ايرلندا الى الفلبين، وكانت النتيجة ان استسلم طوعا وشحن الى اميركا كل صواريخه الكورية واعطاها قائمة بكل ما يملك، واعلنت ليبيا استسلاما طوعيا. وقبله عاند صدام حسين وتحدى وحشد الناس في الشوارع، ورفض كل مبادرات السلام فارتكب جريمته ضد ملايين الايرانيين الابرياء في حربه الأولى ثم استد ار على الكويت ورفض كل الحلول العربية والدولية، وانتهى في الحفرة الشهيرة!
وليت الايرانيين يتعلمون من تجربة كوريا الشمالية، فهذه الدولة حولت اموالها للسلاح النووي وتحدت العالم، وكانت النتيجة مجاعة حقيقية لملايين البشر الذين لا يحصلون على لقمة خبز، في وقت يعيش فيه ابناء عمومتهم في كوريا الجنوبية معدلات هائلة في النمو الاقتصادي
لا نعرف ان كان احد في طهران يصغي لأي نصيحة، ولا ندري ان كان احد يدرك الخطأ الجسيم للتصعيد الايراني مع الأمم المتحدة، وتبديد خيرات الشعب الايراني المحتاج الى كل قرش في سباق تسلح عدمي، ولكننا نقول من منطلق من يريد الخير لجيرانه ان السياسة الايرانية الحالية ستنتهي بمأساة، وانه يجب اعادة الحسابات بشكل اكثر دقة، وان الامور قد تتطور الى سيناريوهات لا تخطر على بال متخذي القرار السياسي في طهران بما فيها الخيار العسكري الذي يعتقد البعض خطأ انه مستحيل بسبب الوضع الاميركي في العراق.كل كارثة ستحل بايران- لا سمح الله- سيدفع ثمنها الجيران، وكل خير لايران سينعكس كذلك على الجيران، وكل خوفنا ان تعتقد ايران انها يمكن ان تسجل اهدافا في الوقت الضائع، وهي مغامرة قد ندفع جميعا ثمنها باهظا
احمد الربعي