Wednesday, October 1, 2008

مقابلة الربعي في الراية


مفاجأة الدكتور أحمد الربعي في حديثه لـ الراية
أؤيد د. الأنصاري والتيار القومي ارتكب أخطاء فادحة وتجربته رهيبة


أشك جملة وتفصيلا في رواية مطالبة أميركا للسعودية بتغيير مناهجها الإسلامية


هناك من يقرأ الإسلام في مناهجنا قراءة سياسية وليست شرعية لخدمة أهدافه


لا تهمني عناوين البقالات المفتوحة بقدر ما تهمني بضاعتها صالحة أم فاسدة


ليس بمقدورنا محاربة الآخرين بالعويل والصراخ.. المطلوب فهم الواقع بوعي وعقل


لا يجوز أن نهاجم شارون ونسكت عن بن لادن فكلاهما يرتكب الجرائم


طالبت قبل عامين بإسقاط طالبان بتحالف دولي عسكري.. المسلمون في صدارته


تراثنا ليس كله خيرا واجتهادات البشر في حاجة إلي إعادة النظر


المطلوب ألا نسمح بتسييس عقيدتنا من أجل مصالح حزبية ضيقة


حاوره: العزب الطيب الطاهر
أجهض الدكتور احمد الربعي المفكر القومي المعروف بالكويت ووزير التربية والتعليم السابق والنائب بمجلس الامة حاليا مشروع حوار كنت اظنه سيشتعل ردا علي الحوار الذي اجراه الزميل النشيط انور الخطيب مع الدكتور عبدالحميد الانصاري قبل ايام.
كان توقعي انني سأجد الدكتور الربعي غاضبا علي ما طرحه الدكتور الانصاري وبالتالي سأخرج بحصيلة فكرية مغايرة ان لم تكن مناهضة فأنا شخصيا استفزتني العديد من الطروحات التي احتواها حوار الدكتور الانصاري وبالتالي توجهت الي الدكتور الربعي بمقر اقامته بفندق ريتزكارلتون البعيد خلال زيارته الاخيرة للدوحة ضمن الوفد البرلماني الكويتي وانا علي يقين بأنني سأجد نصيرا في مواجهة بعض طروحات الدكتور الانصاري.
غير انني خرجت من الحوار مع الدكتور الربعي مهزوما هكذا اعترف لقد وجدته يؤيد بالكامل كل ما طرحه الدكتور الانصاري ولم يختلف معه الا في جزئية هامشية تتعلق بكتاب الامام الغزالي احياء علوم الدين.
وربما المفاجأة لم تكن في هذا التأييد الكامل والاقرار بصحة ما طرحه د. الانصاري ولكن في النقد اللاذع والحاد للمرحلة القومية التي كان الدكتور الربعي واحدا من افرازاتها والمدافعين عن توجهاتها ورموزها.
لقد حاولت قدر جهدي في الحوار ان اشاغب فكريا وسياسيا الدكتور الربعي ومع ذلك وجدته مصرا علي كل ما قاله مدافعا بقوة عن الدكتور الانصاري والقي بمزيد من الزيت بالقرب من النار المشتعلة منذ هذا الحوار الذي فجره انور الخطيب...
هنا حصيلة الحوار مع الدكتور احمد الربعي الذي ما زال محتفظا بحسه الانساني العميق وان كان قد اضفي عليه بعدا جديدا هو بعد الاهتمام بالنكتة والسياسية منها بالذات.
بالتأكيد تابعت الحوار الذي أجرته الراية مع الدكتور عبدالحميد الانصاري عميد كلية الشريعة والقانون والدراسات الاسلامية فما هي رؤيتك العامة للمضامين التي احتوي عليها هذا الحوار الذي اقام الدنيا ولم يقعدها في الدوحة والمنطقة؟ هل تري ان توقيت اثارة هذه المضامين مناسب؟ الا تعتقد انه بوسع ما طرحه الدكتور الانصاري ان يسهم في توسيع الفجوة بل اثارة الفتنة بين تيارات الامة علي حد وصف احد نواب مجلس الامة الكويتي؟
باديء ذي بدء. اشير الي جملة من النقاط المهمة فمن طرح هذه المضامين ويتحمل مسؤوليتها هو عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة قطر وبالتالي فنحن مع حجة مختص في مجال حديثه.
هذا اولا وثانيا ان الرجل لديه اجتهاداته وقد تكون هذه الاجتهادات انطوت علي مساحة هائلة من الصراحة والوضوح بحيث يصعب علي البعض ان يتحملها.
ثالثا: احسب ان هذه المقابلة الصحفية المهمة جاءت في ظرف استثنائي ومن ثم حاول البعض ان يربط ما تناولته من مضامين وبين ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر بالولايات المتحدة رغم انني كنت اقرأ للاستاذ الدكتور الانصاري افكارا شبيهه بما طرحه فيهذه المقابلة قبل هذا التاريخ وبالتالي ليس جديدا مطالبته بتغيير في المناهج ولقد قلنا منذ سنوات ورفعنا راية تغيير هذه المناهج وبالتأكيد فان الراية كغيرها من الصحف العربية تناولت هذه المسألة غير مرة وعبر اكثر من صيغة صحفية لكن عندما طرحت فكرة تغيير المناهج بعد احداث 11 سبتمبر فسر الامر وكأن الدكتور الانصاري يتبني الاجندة الاميركية في هذا الصدد. وهنا حدث يتجسد فيه وجه الخلط الذي ينطوي علي كثير من الظلم.
تغيير المناهج
نتوقف د. احمد عند هذه المسألة فالتخوف المطروح من الدعوة الي تغيير المناهج يكمن في انها تمتد الي المطالبة بحذف آيات قرآنية واحاديث نبوية تحث علي الجهاد ورفض التعامل مع اليهود وعدم موالاة الاعداء وقيل ان هذه مطالب اميركية تحديدا من بعض الدول الاسلامية؟
مما يحز في النفس ان كثيرا ممن بادروا بالرد علي الدكتور الانصاري انتابهم نوع من الخلط في هذه القضية فصورا الأمور وكأن عميد الشريعة والقانون بقطر يطالب بتغيير المناهج الاسلامية او تغيير ما هو جوهري وعقيدي فيها وهذا لا يمكن لاستاذ متخصص ومسؤول كالدكتور الانصاري او لاي شخص ان يقدم عليه.. ما هو مطروح في هذا السياق وهو امر عالجته من قبل احداث 11 سبتمبر غير مرة ان نفتش في مناهجنا لبحث ان كان هناك وجود لاي طرح يتم باسم الدين ظلما وعدوانا ويتعلق بمحاربة الاخرين وتغيير عقائدهم وبالدعوة الي الاحقاد والضغائن بين الاديان والجماعات المختلفة وهنا اود ان انبه الي اننا في العالم العربي نشكل فسيفساء متناثرة من المذاهب والاديان والقوميات. خذها من اليمن الي الجزائر ستجد في العالم العربي عشرات من المذاهب وعشرات الاجتهادات وبالتالي فان اي كلام سواء في الوسائط الاعلامية أو علي منابر المساجد يضر بالوحدة الوطنية لاي قطر عربي يجب الا يسمح به.
هناك من يقرأ الاسلام في مناهجنا قراءة سياسية وليس قراءة شرعية.. وذلك لخدمة برنامج سياسي وليس برنامجا عقيديا وهو ما يؤدي الي الخلط بين ما هو سياسي وما هو عقيدي حاشا لله ان يكون الدكتور الانصاري وانا او غيري ندعو الي تغريب مواطنينا او امتنا او ندعو لان يفرض علينا من الخارج تغييرا للمناهج الذي يطرحه بعض المعارضين للدكتور الانصاري.
ان ما ندعو اليه هو تخليص مناهجنا من اية شوائب تدعو الي كراهية الاخرين والي التطرف والي استخدام العنف والي التناحر وتفهم الجهاد بصورة خاطئة دون ان تفرق بين الدفاع عن النفس وهو امر مشروع وبين مقاتلة الاخرين بدون سبب وبدون ان يقاتلوك.
ان المطلوب هو الا نسمح بتسييس عقيدتنا من اجل مصالح حزبية ومصالح سياسية معروفة.
اود هنا ان اؤكد علي حقيقة مؤداها اننا نعاني في العالم العربي والاسلامي منذ فترة ليست بالقصيرة من تقديسنا لغير المقدس.. وهذه مسألة في غاية الخطورة علي شريعتنا فما هو مقدس هو كتاب الله: القرآن الكريم والسنة الصحيحة وليس اي حديث نبوي ضعيف.
اذن ما يقوله الآخرون من المجتهدين في كل المذاهب هو كلام بشر ويجب الا يغضب احد عندما نقوم بتوجيه النقد لأي شخص ونحن نرفض تسفيه افكار وآراء الآخرين لكن هؤلاء جميعهم مجتهدون.. كلنا قد رد ورد عليه الا صاحب هذا القبر في اشارة الي قبر الرسول صلي الله عليه وسلم.
وبالتالي فان الحديث ليس حديث مراجعة يطرحه د. الانصاري او غيره وانما هو طرح مسؤول لمحاولة تخليص مناهجنا من اي رؤي تشوب شريعة الله.
مطالب أميركية
لكن المسألة تكمن في تزامن هذه الدعوة في الوقت الذي طالبت فيه الولايات المتحدة باكستان باغلاق المدارس الدينية فيها والتي افرزت حركة طالبان وكما تردد فان واشنطن طالبت السعودية بتخليص مناهجها من آيات قرآنية محددة تتحدث عن الجهاد هنا تكمن الخطورة.
انني لا اعلم مصدر مقولة ان الولايات المتحدة طلبت من السعودية حذف آيات من الجهاد من مناهجها الدراسية انني اشك في هذه الرواية جملة وتفصيلا فالولايات المتحدة لديها معرفة بطبيعة الدين الاسلامي. علي الاقل في حدها الادني كما ان لديها معرفة ونحن كذلك بطبيعة الوضع في المملكة العربية السعودية فهي لا يمكن ان توافق علي الغاء الآيات الخاصة بالجهاد من مناهجها الدراسية تحت اي حجة من هذا الطرف او ذاك غير راض عن فكرة الجهاد.
هذا اولا وثانيا لماذا ننتبه الان الي ان باكستان قد اغلقت المدارس الدينية فيها في حين ان خطوة مماثلة اقدمت عليها الشقيقة اليمن عندما اغلقت المدارس الدينية فيها قبل سنة من الآن اي قبل احداث 11 سبتمبر بكثير وذلك بعد ان اشتكي الرئيس علي عبدالله صالح من ازدواجية التعليم الديني وجري حديث في الصحافة اليمنية عما افرزته هذه المدارس من تطرف وشطط بالاضافة الي ذلك فان عددا من الدول العربية الاخري قد اجرت اصلاحات في مناهجها الدينية قبل 11 سبتمبر ومن هنا فانني اري انه من الظلم الربط بين الدعوة الي تغيير مناهجنا وبين احداث 11 سبتمبر او بين مطالب اميركية في هذا الشأن
ثمة امثلة عديدة لمسؤولين عرب في اقطار عدة بما فيها الكويت وقطر والسعودية طالبوا وما زالوا يطالبون بتغيير المناهج بشكل عام من جهة وبشكل خاص من جهة اخري.. واحيلك الي المحاضرة القيمة التي القاها وزير الشؤون الاسلامية في السعودية قبل ايام في مؤتمره للدعاة تحدث فيها عن بعض الشوائب في الخطب والمواعظ الدينية التي تلقي بالمساجد ودعا الي توحيد او علي الاقل تقريب الطرح حتي لا تتشتت الامة داخل المساجد.. كما تحدث عن ضرورة تطوير قدرات الوعاظ وائمة المساجد.. واحسب ان ذلك من الاهمية بمكان ويجب ان نعترف ان احد اسباب الغلو والتشدد والتطرف في الجزائر وفي مصر وفي الكويت وغير ذلك من الأقطار وجود عدد من الأئمة والدعاة الذين كانوا يتبنون طرحاً غير مسؤول وينطوي علي قدر كبير من الكراهية للآخرين وتحريض للشباب الصغار قليلي الخبرة والفهم وأعتقد أن أفغانستان كانت نموذجاً حياً لذلك فقد كان يقال للشباب من علي منابر المساجد اذهبوا للجهاد في أفغانستان في حين أن هؤلاء الدعاة كانوا يدركون أن في أفغانستان حرباً أهلية يقاتل فيها المسلم مسلماً آخر ويعلمون أن الحديث النبوي الشريف يقول إذا تقاتل المؤمنان بالسيف فالقاتل والمقتول في النار ومع ذلك بسبب هذا الضعف في الوعي الديني وعدم الفهم لجوهر الإسلام فإن هؤلاء الشباب غرر بهم وسيقوا للموت في أفغانستان.
دور الأئمة والخطباء
إذن أنت مع دعوة الدكتور الأنصاري لإعادة النظر في وضعية الخطباء وأئمة المساجد الذين يحثون أيضاً علي الجهاد والدعاء علي الغرب والنصاري؟ هل تعتقد أن مطلوب فرض رقابة علي أئمة المساجد والخطباء في هذا الخصوص؟
الدكتور الأنصاري واحد من مجموعة كبيرة طالبوا قبل الحادي عشر من سبتمبر بضرورة الاستفادة من هذه المناسبة العظيمة- صلاة الجمعة- التي لم تتوافر لأي دين آخر علي الكرة الأرضية سوي الإسلام، والتي يجتمع في ظلالها المسلمون مرة كل أسبوع بحيث يتم التركيز في خطبتها علي قضايا التنمية والتطور والانفتاح والتقدم وفهم جوهر الدين.. لماذا تكون خطبة الجمعة مكررة ومملة في وقت تشكل فيه فرصة مناسبة لتعميق وعي الناس بحقائق الدين والقيم الخلقية والدعوة للتنمية.
إذن ما دعا إليه الدكتور الأنصاري في هذا الصدد هو محاولة لإصلاح خلل قديم.. فلماذا نربط هذه الحالة بالأحداث الأخيرة بحيث نبدو وكأننا نتلقي الأوامر من الولايات المتحدة وغيرها.
وما ذنبنا نحن الذين نطالب بالانتباه إلي خطورة ما يقال في المساجد من كلام أحياناً شاذ وخارج ومتطرف وينطوي علي كثير من الغلو.
هل يريد البعض أن يربط بين هذا الموقف المبدئي والقديم والثابت وبين أحداث 11 سبتمبر المستجدة؟ وماذا تعني الإشارة إلي أن الولايات المتحدة هي التي تطالب بذلك.. هل معتاد أننا في هذه المنطقة من العالم مجرد دمي تتحرك بأوامر واشنطن؟
إنه من الأهمية بمكان أن نعرف أنه إذا كان ثمة خللاً لدينا فيتعين أن نتعامل معه دون مبالغة، شخصياً أنا أختلف مع الدكتور الأنصاري في الجزئية الخاصة بكتاب إحياء علوم الدين للغزالي بشكل واضح وصريح فإن هذا الكتاب لا يركز علي قضية واحدة ولكن سفر عظيم وضخم ويمس قضايا متعددة وأنا شخصياً درست أجزاء من هذا الكتاب بتعمق أثناء إعداد أطروحتي للدكتوراه في تصنيف العلوم عند المسلمين وقد وجدت في هذا الكتاب الكثير من القضايا المهمة والأساسية.
لكن الدكتور الأنصاري أبدي ملاحظاته فيما يتعلق بموقف الكتاب من المرأة بالتحديد؟
بالنسبة لي لم أتعرف علي موقف الإمام الغزالي تحديداً من المرأة ولكن ثمة قضايا كما قلت مهمة يحتوي عليها كتاب إحياء علوم الدين فضلاً عن ذلك فإن الإمام الغزالي هو حجة الإسلام وأحد رموز الفكر الإسلامي بيد أنه عندما يخرج علينا عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة قطر ويبدي نوعاً من الاعتراض علي بعض ما احتواه كتاب الإمام الغزالي أو علي طروحات غيره فذلك لا يعني كفراً أو خروجاً عن الملة إنه اجتهاد يقابل اجتهاد فكما أن الإمام الغزالي بشر فإن الأنصاري بشر أيضاً كلاهما في موضع الاجتهاد.. ولكن ما يؤسف له أن الذين تحدثوا عن مقابلة الدكتور الأنصاري تركوا ما طرحه ووضعوا المسألة في إطار التهجم الشخصي.
الهجوم علي الذات
ألا يمكن أن يصب هذا المنحي باتجاه الهجوم الحاد علي كتب ورموز التراث الإسلامي وبالتالي ثمة إمكانية لأن يستغل ذلك أعداء الإسلام؟
يتعين علينا ألا نبالغ في مسألة العداء للإسلام، إذا حمينا أنفسنا.. فإنه عندئذ يمكن الحديث عن الآخرين إن المطالبة بإلقاء الكتاب- إحياء علوم الدين- فكرة مرفوضة بكل الأحوال- فثمة مشكلات أخري لأن هناك مجموعة من كتب التراث التي تنتمي إلي هذه الطائفة، أو تلك وبالتأكيد هناك ملاحظات لدي بعض الطوائف الفقهية علي الطوائف الأخري وإذاً سوف ندخل في حرب وبالتالي فإن إلغاء هذا الكتاب أو ذاك لن يحل المشكلة وهنا تكمن الجزئية التي اختلف فيها مع أخي الدكتور الأنصاري مع كامل تقديري واحترامي له ورغم كونه حجة في هذا المجال إلا أنني أعتقد أنه من المهم المحافظة علي كل كتب تراثنا بغثها وثمينها بما نتفق أو نختلف معهوان نترك للعقول المستنيرة البحث عما هو صالح ومحاولة إلغاء ما هو غير صالح وتراثنا في نهاية الأمر ليس كله خيراً بل إن هناك أجزاءً في هذا التراث في حاجة إلي إعادة النظر وهذا ليس عيباً فنحن لا نطالب بإعادة النظر في القرآن الكريم أو الحديث النبوي الصحيح معاذ الله.. ان المطلوب هو إعادة النظر في اجتهادات البشر بكل احترام وتقدير دون أن نلغيها أو نحاول الربط بينها وبين مستجدات الحياة وهذا ليس عيباً.
أميركا حليف
القضية الأخري التي شكلت موضع جدل واسع في حوار الدكتور الأنصاري هو طرحه لإشكالية العلاقة مع الولايات المتحدة فهو قدمها باعتبارها الحليف وحامي حمي الإسلام والمسلمين برغم كل ما ناله المسلمون من أميركا في فلسطين وفي أفغانستان وإلي حد ما العراق أنت من منظور موقعك كمفكر قومي كيف تنظر إلي هذه الرؤية التي طرحها الدكتور الأنصاري تجاه أميركا؟
في هذا الصدد أود أن أؤكد جملة من الحقائق:
أولاً: عندما نثير مفردة أميركا باعتبارها تجسد كتلة بشرية واحدة وعالماً واحداً ومعني واحداً.. فإن ذلك سوف ينطوي علي غباء شديد لأن أميركا هي مجموعة من العوالم والثقافات والحضارات والأديان والألوان يشكل المسلمون والعرب فيها 7 ملايين من مجموع سكانها.
ثانياً: إن أميركا دولة مفتوحة وقد تمكن اليهود والصهاينة من فهم المجتمع الأميركي واستوعبوا قواعد اللعبة فيه واستفادوا منها فبدلاً من أن يمضوا حياتهم في توجيه الشتائم لأميركا قاموا بعمل حقيقي وهنا أذكر بأن علاقات الحركة الصهيونية بأمريكا لم تكن جيدة حتي سنوات قليلة وأشير هنا إلي أن الرئيس الأميركي الشهير روزفلت كان يحذر شعبه من اليهود وليس من الصهيونية فحسب غير أن هؤلاء اليهود والصهاينة لديهم برنامج فلم يقابلوا هذه المواقف بمواقف عدائية وإنما ظلوا يعملون ويتحركون حتي تمكنوا من اختراق المجتمع الأميركي وخلقوا لوبي صهيوني من الضخامة بمكان في الولايات المتحدة فلماذا لا نقلب نحن الصورة ونطالب أنفسنا بالحركة النشطة باتجاه لم صفوف العرب والمسلمين وحشد طاقاتهم داخل الولايات المتحدة.
ثالثاً : إن الولايات المتحدة أو بالأحري الشعب الأميركي تحديداً هو في رأيي الضحية الثانية للحركة الصهيونية بعد الشعب الفلسطيني فهناك ضحيتان لهذه الحركة وحسب الترتيب الشعب الفلسطيني هو الضحية الأولي بعد أن تم اجتثاثه من أرضه وتشرد في المنافي عبر الخمسين عاماً الأخيرة والضحية الثانية هو الشعب الأميركي المخطوف من قبل الصهيونية المتمكنة والقادرة والمنظمة والمتغلغلة في الإعلام وفي المال وفي كل موقع من مواقع الحياة وبالتالي علينا أن نعمل علي فك هذا الخناق من خلال قيامنا بطرح أنفسنا نحن كأمة متحضرة.. تخيل لو أن أسامة بن لادن الذي فجر مركز التجارة العالمي- توجه بملايينه وبقضه وقضيضه إلي أميركا وأقام فيها وافتتح مدرسة هناك ودعا إلي الإسلام بلغة متحضرة ما الذي كان يمكن أن ينتجه ذلك من مردود.
أود أن أذكر أن الرئيس كلينتون في آخر أيامه احتفل بافتتاح المسجد رقم 2000 بالولايات المتحدة والإسلام نفسه بدأ ينتشر بهدوء كما أن الشعب الأميركي أخذ في القبول بهذا الدين غير أن هذا الإرهاب الجنوني جاء ليقطع الطريق أمام كل هذا التطور للدين الإسلامي وللوجود العربي والإسلامي.
موقف لا أخلاقي
إنني علي قناعة بأن الموقف الأميركي تجاه القضية الفلسطينية هو موقف لا أخلاقي وغير منصف وغير نزيه وغير عادل ولكن السؤال الجوهري: ما العمل حيال ذلك؟ هل يكمن هذا العمل في توجيه الشتائم ضد الولايات المتحدة وهذا ما يوفر مناخاً جيداً لإسرائيل حتي تستفرد بها أم نعلن أننا ضد هذا الموقف وفي الوقت ذاته نتحرك داخل المجتمع الأميركي ونكثف وجودنا فيه ونعمل علي تقليل خسائرنا في الولايات المتحدة.
إن هذه الأعمال الإرهابية أعادتنا إلي المربع الأول وأجهضت إنجازاتنا التي تحققت علي مدي السنوات الماضية.
ومن هنا القضية ليست مرتبطة بكون الولايات المتحدة منقذاً أو عدواً أو مرتبطة بأبعاد أخلاقية أو عاطفية فواشنطن لا تتعامل معنا ضمن هذا المنظور وإنما هناك مصالح متشابكة بيننا وبين الولايات المتحدة وبالتالي يتوجب علينا أن نفهم ما هية المصالح الأميركية لدينا وماهية مصالحنا لدي واشنطن.
كما أنه علينا أن نعمل علي تصحيح الموقف الأميركي تجاه قضية الشرق الأوسط ليس بتوجيه الشتائم وإعلان رفض الآخر وإنما عبر محاولة التحرك والتفاعل مع هذا الآخر وإصلاح موقفه.
ألا تلاحظ أن الدكتور الأنصاري في طرحه ألقي بجملة من التلميحات المناهضة للتيار القومي وأنه كان وراء ضياع الأمة بطروحاته وشعاراته وهو موقف يثير فئة مهمة في الشارع العربي الآن فضلاً عن أنه يحاول أن يثير الغبار والظلال المعتمة علي هذا التيار ورموزه في حقبة الخمسينيات والستينيات؟
يا سيدي أنا أنتمي لهذا التيار القومي والتيار العربي ولكنني قد لا أختلف مع الدكتور الأنصاري علي هذا الصعيد وحسب اعتقادي أن تجربتنا في المرحلة القومية ليست بالتجربة التي يجب أن نشعل الشموع من أجلها، فلقد كانت تجربة رهيبة مليئة بالأخطاء وعلينا أن نقول ذلك علناً علي الملأ فإن هزيمة يونيو حدثت في ظل قوة التيار القومي وكنا نتحدث في هذه المرحلة بلغة عنترية وبالحديث عن هزيمة الآخرين وإسقاط 150 طائرة للعدو لكن الأمر انتهي إلي لا شيء.
إن المسألة لا تكمن في اللافتة المرفوعة للمرحلة سواء أكانت لافتة قومية أو يسارية أو إسلامية لكنها تكمن في .. هل من يرفع هذه اللافتة أو تلك يمتلك برنامجاً وأجندة محددة؟
هل لديه هدف واضح؟
هل لديه بوصلة محددة؟
يبدو لي أن هناك محاولة لتكرار الأخطاء مرة بعد مرة هناك أخطاء فادحة لليسار وللتيار القومي في تاريخنا المعاصر والآن يكرر التيار الإسلامي الأخطاء ذاتها التي ارتكبت في الماضي مع فارق التشبيه في بعض القضايا ولكن في النهاية إما أن نكون أمة متخلفة تطرح الشعارات الكبيرة التي لا يكون بمقدورها تنفيذها وتملأ الدنيا زعيقاً وصراخاً وعويلاً وهو بالتأكيد ما لا يمكن أن يبني حضارة أو أن نتواضع قليلاً وندرك حجمنا الحقيقي ونضع لأنفسنا برنامجاً واقعياً يمكننا من التقدم خطوة نحو الأمام ثم نتقدم خطوة أخري بعد أن نكون قد وقفنا علي أقدامنا.
في رأيي أن النقد يجب أن يوجه لكل التيارات وأنا ضد أن أتمترس وراء مفهوم قومي أو مفهوم يساري لنهاجم التيار الإسلامي لا يا سيدي علينا ان نتنبه الي الصفات المشتركة بين التيارات الثلاثة: القومي والاسلامي واليساري وهي صفات مشتركة خطيرة علي رأسها غياب البرنامج الواقعي. غياب الوعي لحقائق الحياة والاعتقاد بانه بمقدورنا هزيمة الآخرين بالعويل وبالصراخ وهو أمر جربته وفشلت فيه الحركة القومية وكذلك الحركة اليسارية والآن يتكرر ذات الخطأ لدي التيار الاسلامي.
لا اعتقد انه من العدل.. الآن وصف التيار الاسلامي بهذه الخصائص السلبية ثم نشير الي ان الحركة القومية كانت في حالة افضل.. لا.. ياسيدي لم تكن هذه الحركة في وضع أفضل..
إجهاض المشروع الحضاري
لقد برزت الحركة القومية وواجهت العديد من التحديات وفي مقدمتها التحدي الأميركي والصهيوني الذي لعب دورا في اجهاض مشروعها الحضاري.
ياسيدي التحديات دوما موجودة ولكن السؤال هو كيف ترد علي هذه التحديات سواء اكنت قوميا أو عروبيا أو اسلاميا أو يساريا. أنا لايهمني عنوان البقالة المفتوحة بقدر ماتهمني بضاعتها فماذا افعل بهذا العنوان اذا كانت هذه البضاعة فاسدة.. أما أنا يهمني إصلاح هذه البضاعة بالداخل ان الشعارات سهلة وليس هناك أسهل من ان يرفع المرء شعاراً، وما أكثر من رفع شعار القومية العربية والنظام في العراق نموذج لذلك بل ان النظم العسكرية بشكل عام رفعت شعار الحرية والوحدة الاشتراكية فجزأت الأمة وافقرت الشعوب ودخل الكثيرون السجون. ومن رفع شعار اليسار وطالبوا بالمساواة انتهي بهم الامر الي طبقية مخيفة.
والآن تطرح قضية الاسلام بنفس الطريقة المذرية والاعتقاد بأننا في حرب مع الآخرين..
مرة اخري اقول ان المسألة ليست هي العنوان المرفوع دائما ما يجسده هذا العنوان. لقد بات مطلوبا منا ان نتواضع قليلا وان ندرس تجربتنا بعقل وبوعي وان ننطلق من نقد واعٍ لهذه المسألة بدلا من ان ننطلق من مثل هذه الردود التي قوبلت بها طروحات الدكتور الانصاري والتي جاءت عنيفة ومقلقة وشخصية أيضا.
الإرهاب الأميركي
طرحت خلال مقابلة الدكتور الانصاري والردود عليها مسألة الإرهاب الأميركي والمؤكد ان هناك ارهابا مورس ضد أميركا وهو امر نقره ونعترف بخطئه ولكن في المقابل فان أميركا مارست الارهاب ايضا ضد الشعب الافغاني كيف تري ذلك.
انا أود ان اسأل هنا: لو ان شخصاً جاء الي القاهرة او بغداد وارتكب جريمة بشعة راح ضحيتها آلاف الناس كما حدث في نيويورك ثم لجأ هذا الشخص إلي افغانستان ووضع شعبها المسكين كمتراس يحتمي خلفه هل ستقول عندئذ انه لايتعين ان نضرب تلك الدولة لأن هذه الدولة اسلامية.
ياسيدي علينا ان نتخلص من عصبية الجاهلية فانا لست مستعدا للوقوف الي جانب اي شخص لكونه عربياً أو مسلماً فهناك عربي أو مسلم جيد وكذلك هناك عربي أو مسلم سييء هذا هو الخطأ الذي ارتكبناه في الحرب العراقية الإيرانية لقد وقف العرب أو اغلبهم الي جانب العراق في هذه الحرب بحجة انه يحمي البوابة الشرقية ثم انتهي بنا الأمر الي كارثة للجميع.
وفي السياق ذاته تمترس البعض خلف افغانستان بحجة انها دولة اسلامية. اننا لاينبغي ان نقف مع تجار مخدرات باعتبار انهم مسلمون.
لقد كتبت مقالة في الشرق الأوسط قبل احداث 11 سبتمبر بعامين طالبت فيها باقامة تحالف دولي عسكري علي رأسه الدول الاسلامية لاسقاط نظام طالبان وذكرت انذاك ان هذا النظام مصدر للشر ومصدر للارهاب ولتجارة المخدرات.
القضية بوضوح اما ان يكون لدينا مباديء تنطلق منها اولا تكون ومن المباديء الاساسية رفض الظلم بكل انواعه وتجلياته، كما انه لا يجوز ان نهاجم شارون ونسكت عن بن لادن.
هذه جريمة وتلك جريمة ليس لان ابن لادن مسلم وشارون يهودي فالجريمة جريمة والقتل قتل ومن قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا .
في رأيي ان اي دولة أو أي شخص يضع نفسه موضع الولايات المتحدة بعد ان واجهت احداث 11 سبتمبر فلن يفعل الا مافعلته في افغانستان ، لقد كنا خائفين ان تصل النتائج في افغانستان الي أسوأ مما بلغته ولكن نحمد الله ان عدد من قتل من المدنيين يعتبر قياسا لنوعية هذه الحرب محدود رغم ان موت شخص واحد في أي مكان هو أمر جلل بالنسبة لنا..
وثمة بعد اشير اليه هنا.. يتمثل في انه كانت هناك الاف العمائم الافغانية تقاتل آلاف العمائم الافغانية الاخري صحيح ان الولايات المتحدة قدمت السلاح والعون العسكري لكن القتال كان بين الافغانيين انفسهم وعندما سقطت حركة طالبان خرج الناس يرقصون في الشوارع فرحا.
وبالتالي لاينبغي فهم الامور بهذه الطريقة بحيث ترتكب جريمة في نيويورك فنسكت عن افغانستان لانها دولة اسلامية ان ذلك يعيدنا الي العصبية الجاهلية قبل الاسلام وهذا أمر لم يعد مقبولا ويجب اعادة النظر فيه. ان علينا ان ندين الارهاب سواء من الحكومات أو من الافراد او من الاحزاب او من المنظمات وعلينا ايضا الاننتقي في هذا الخصوص.. فمثلها ننتقد الموقف اللا اخلاقي للولايات المتحدة تجاه مايتعرض له الفلسطينيون كلمة في الاراضي المحتلة فإنه يتعين علينا ان نوجه الانتقاد ذاته للموقف اللا اخلاقي من أي جماعة حتي لو كانت تنتمي للعروبة والاسلام.
أطراف أخري
لكن الرد الاميركي علي ما حدث في نيويورك وواشنطن لن يتوقف عن حدود افغانستان فثمة اطراف عربية اخري مرشحة لان يمتد اليها هذا الرد كالعراق والصومال واليمن.
علينا ان نتواضع.. فقرار الحرب ليس قرارا وليس بيدنا وعندما تشن الولايات المتحدة حرباً فهي لن تسألنا النصيحة أو العون.
هذا أولا وثانيا فان العاقل هو من يحمي نفسه دون ان يتخلي عن كرامته او موقفه المبدئي خذ مثلا العراق فانه علي الرغم من كل المتغيرات التي نتجت عن أحداث 11 سبتمبر لاتري شيئا تغير فالخطاب السياسي هو ذات الخطاب الذي كان سائدا من قبل. لغة التحدي هي السائدة وثمة حديث عن هزيمة امريكا وانها تسقط في الوحل لو حاولت دخول الاراضي العراقية وان العراق ليس افغانستان وهو نفس الخطاب الذي كنا نسمعه قبل 11 عاما بعد غزو الكويت هذه اللغة انتهت فالزمن الآن ليس زمن لغة العنتريات والعاقل من يتعظ بنفسه.
المشكلة تكمن ايضا في توجه عدائي مضاد للعرب والمسلمين في الولايات المتحدة والغرب فثمة قوانين للإرهاب صدرت وثم ملاحقات تعسفية وملاحظات امنية بدون سند قانوني تمت ضد مواطنين عرب ومسلمين في أميركا وبريطانيا ودول اخري بما فيهم خليجيون.. الا ينطوي ذلك علي ممارسات ارهابية ايضا؟
ارجوك ان نضع انفسنا في مكان الآخرين فلو ان مجموعة اميركية داخل دولة عربية ارتكبت حماقة أو جريمة تخيل ما الذي يمكن ان يحدث للاميركان في بلادنا.
علقت ضاحكا: الأميركيون محترمون في بلادنا أيما احترام بالرغم من كل مايرتكبوه ضدنا.
قال: بغض النظر عن جنسية من يرتكب هذه الحماقة والجريمة كيف تتصور ردة فعل هذه الدولة العربية عندئذ بالاضافة الي ذلك لماذا نتوقف عند ماهو سلبي ونترك ما هو ايجابي.
وما هو ايجابي في نظري يتمثل في قيام الرئيس بوش بعد جريمة 11 سبتمبر بثلاثة أيام بالتوجه الي المسجد بواشنطن وتحدث الي المسلمين مؤكدا ان الاسلام بريء ولا علاقة له بهذه الجريمة ولايمكن تجريم الاسلام. لان ثمة مسلمين ارتكبوا هذا الفعل؟.
كما ان الكونغرس أصدر بيانا حول الاسلام وفي احدي المدن الأميركية قررت مجموعة من النساء المسيحيات ارتداء الحجاب لمدة ثلاثة أشهر حماية للمسلمات في هذه المدينة..
هناك قوانين تحكم العلاقات في الولايات المتحدة وانا اعرف لي طلابا كثيرين مازالوا يدرسون ولم يتعرضوا لشيء هذا لايعني انه لم ترتكب حماقات ضد العرب والمسلمين لقد ارتكبت مثل هذه الحماقات ولكن الشخصين اللذين قتلا احدهما قبطي مصري لانه عربي والثاني شخص هندي سيخي لانه بدا اشبه بالمسلمين.. اذن الموقف ليس رد فعل ضد الاسلام بقدر ما هي ردة فعل مباشرة حيال ماحدث.
ولعلك تذكر ردود الفعل المباشرة في الحرب اللبنانية بين الطوائف المختلفة بعد كل مذبحة من المذابح التي وقعت خلالها..
ولعلك تذكر ايضا احداث سبتمبر 1970 بين الفلسطينيين والاردنيين.
واخيرا.. بين الكويتيين والعراقيين في التسعينات ان طبيعة الاحداث الكبري تخلق حالة غير طبيعة من الافعال والافعال المضادة.
علي أي حال هناك محاولات من قبل المسؤولين الاميركيين والمسؤولين العرب لاحتواء مثل هذه التداعيات وأنا علي يقين بحكم معرفتي بالمجتمع الاميركي الذي عشت فيه للدراسة سنوات طويلة - لو ان احداث 11 سبتبمر وقعت في دولة غير الولايات المتحدة لوجدت بحرا من الدماء..
دمشق رأت في أفكار الدكتور الأنصاري جرأة وانقياداً وراء دعاوي باطلة
الطيب تيزيني : المناهج التربوية الأميركية تعتمد الجنس والعنف والمال
دمشق -عصام اباظة
فجر الحوار الصاخب الذي أجرته الراية مع الدكتور عبد الحميد الأنصاري عميد كلية الشريعة في جامعة قطر ردود فعل واسعة اتسم معظمها بالغضب الشديد لما اعتبره البعض جرأة علي الحق وتجاوزا علي المباديء وانقيادا وراء دعاوي باطلة فيما نظر البعض لأفكار الدكتور الأنصاري من زاوية نقدية فرأي أنها مجرد "خطأ يحتمل الصواب " لكن الكل اجمع علي رفض الاملاء ات التي تمثلها المطالب الأمريكية باعتبارها تدخلا سافرا في شؤون الأمة العربية والإسلامية.
فند المفكر الاكاديمي واستاذ الفلسفة بجامعة دمشق الدكتور الطيب تيزيني تأييد الدكتور الانصاري للدعوة الامريكية تجاه المناهج التعليمية في المنطقة فيقول :
لهذا الموقف حدان، قد نقول من خلاله بان مايطالب به الأميركان صحيح اذا كانت الدعوة للاصلاح ولكن في الحد الثاني سرعان ما ينكشف زيف هذه الدعوة الامريكية لان اصلاح مناهجنا اذا أريد له ان يأخذ مداه الحقيقي لابد أن يستجيب لاحتياجات الخصوصية التاريخية التي يمر بها الوطن العربي عموما ومن ضمنه السعودية التي خصها الدكتور الأنصاري بضرورة التغيير في مناهجها وكأنها المقصودة اكثر من غيرها ولذلك فان الدعوة بصيغتها المفتوحة ليس فيها مايحقق هذا الهدف واذاكان الأميركان حريصين فعلا علي ان تكون مناهجنا ذات بعد عقلاني وتنويري فان عليهم ان يدركوا انهم هم أنفسهم الذين بدأوا بالاستشراق وأسسوا بتلك القراءة اللاعقلانية والظلامية لتراثنا معتقدين ان هذا هو الصواب مما يجعل تراثنا من وجهة نظرهم دون العقل والتنور والحديث عن الفرقة الناجية التي اتكأ عليها الدكتور الانصاري اذا ما قريء بصيغ أخري وردت فيه فانه يمكن ان يفهم بوصفه دعوة الي التعددية والانفتاح ومن هذه الصيغ الاخري تلك التي يأتي فيها ان الامة ستفترق الي اثنين وسبعين فرقة كلها في الجنة ماعدا واحدة ..هذه القراءة الجديدة للحديث ولمجمل التراث الاسلامي هي علي كل حال من شأن المنطقة العربية ومفكريها ومصلحيها وبالتالي ليس واردا ان نكتشف ضرورة اعادة النظر في قراءاتنا للتراث من موقع املاءات اميركية.
اما عن قول الدكتور الانصاري بان الحهاد يدرس وكأنه شرع للعدوان فيرد الدكتور تيزيني بقوله: ربما هناك مجموعة من الفقهاء والمشرعين فهموا الجهاد علي هذا النحو ولكن مرة اخري هذه هي احدي القراءات وهناك قراءات اخري عقلانية مستنيرة تفهم الجهاد بوصفه جهادا اكبر وبوصفه ذودا عن النفس ودفاعا عنها ودعوة للخير وهنا اتساءل هل فعل الأميركان هذا الامر مع الطالبان حين هاجموا المدنيين الابرياء وحين قرروا مهاجمة بلد بكامله دون ان يقدموا حتي الان دليلا ماديا واحدا علي ضلوعهم فيما يزعمون انه الارهاب، ولنقل انه ارهاب من اسس لهذا الإرهاب هذا هو السؤال؟
ان المناهج الامريكية تقوم علي ثلاثية حاسمة هي ( الجنس والعنف والمال ) وهذا بالضبط هو موضع الإرهاب ومنطلق التأسيس له ولذلك فان القول بأن ماقامت به أميركا في أفغانستان كان عادلا كما يقول الدكتور الانصاري ربما يرتكز الي احساس يتمثل في الاعتقاد بأن من حق الولايات المتحدة ان ترفع العصا في وجه شعوب الارض ومع رفضي رفضا قاطعا لهذا المنطق انطلاقا من الخصوصيات الوطنية يمكن التأكيد ان الولايات المتحدة حينما تفعل ماتفعله فانما تسعي الي تعميم بنيتها العولمية الجديدة التي قد نختصرهابعبارة تعريفية مكثفة وهي النظام العسكري الاقتصادي الثقافي الذي يسعي الي ابتلاع الطبيعة والبشر وهضمهم وتمثلهم ومن ثم تقيؤهم سلعا.. وحين لايعتبر الدكتور الانصاري أميركا عدوة لنا ففي قوله مفارقة خطيرة تتمثل في انه يري في الولايات المتحدة عامل خير وتقدم وهو في هذا لايضع يده علي هذه الوحدة القاطعة التي انتجتها الولايات المتحدة مع المشروع الصهيوني الذي يمثل وجها آخر من العملية الاستعمارية وبذلك يتغاضي الدكتور الانصاري عن الشهداء الذين قضوا بسلاح امريكي ومباركة اميركية.
وبالعودة الي قضية المناهج السعودية وتأييد الدكتور الانصاري لاعادة النظر فيها حسب الرغبة الامريكية فانا اقول بان هذا اذا ماحدث في السعودية او غيرها فيجب ان يحدث ضمن اطار من التحديث والاصلاح بارادة وطنية وليس باملاء اميركي وفي هذه الحال اؤيد السعودية بعجرهاوبجرها الان علي ان يملي عليها شيء مما ينتجه الارهاب الاميركي ويصنعه ويعممه.
وعن الدعوة لمنع طباعة كتاب احياء علوم الدين للغزالي والكبائر للذهبي يقول الطيب تيزيني يبدو ان الدكتور الانصاري لايدرك اهمية ومفهوم التراث ككل، فالتراث العربي الاسلامي تراث نأخذه علي عواهنه ولكن حين نقوم بقراءته فاننا نمارس مناهجنا النقدية حياله بحيث نبرز جانبا دون آخر في اطارمرحلة ما تستوجب ذلك ..بمعني اننا ننخل التراث نقديا دون ان نغفل منه جانبا اوآخر وبالتالي نمارس حياله ما اسميه منهج القراءة النقدية التي تسمح لنا ان نستلهم منه مانستلهم ونتبني ما نتبني ونقصي ما نقصيه وظيفيا.
اماعن مقولة احترام بوش للاسلام فهذا موقف مضلل وربما لم يشاهد الانصاري علي شاشات الفضائيات مااحدثه جيش بوش في المسلمين من قتل الاطفال والشيوخ والنساء ولابد ان الدكتور الانصاري يعرف ان في علم النفس مايسمي ( زلات اللسان ) التي تفصح كثيرا عن خبايا صاحبها وحين تحدث بوش عن الحرب الصليبية الجديدة فانه كان يعنيها وقد فعلها .
الكاتب والاديب نصر الدين البحرة رئيس تحرير مجلة التراث العربي وعضو مجلس الشعب سابقا يقول في معرض تعقيبه علي حوار الدكتور الانصاري :
لايحق لأميركا ان تطلب منا اعادة النظر في مناهجنا اوتتدخل في تراثنا لانها اول من شوه تراثنا بما فعله المستشرقون الامريكيون في نظرتهم القاصرة والغريب ان أميركا لاتسمح لاحد ان يتدخل في مناهجها التي تقوم علي مفاهيم القوة والجنس فكيف تسمح لنفسها ان تتدخل في شؤون غيرها من دول العالم والاغرب ان يردد الدكتور الانصاري ماتطلبه أميركا المعادية لنا ولتاريخنا وحضارتنا وممارسات أميركا تشهد علي ذلك .
اما الجهاد في المفهوم الاسلامي فهو دفاع عن الاوطان وعن النفس وعن التراث وليس ارهابا او عدوانا علي احد، علي ان ماقامت به أميركا في افغانستان ليس الا الارهاب بعينه لانه قتل للابرياء المدنيين ومع ذلك فلم تقدم حتي اليوم الدليل المقنع لارتكاب هذه المجازر التي تدعي انها لمطاردة بن لادن وتنظيم القاعدة.
اما ان أميركا ليست عدوة للعرب والمسلمين فهذا ماتدحضه الوقائع التاريخية فقد كانت ولاتزال ضد العرب ومع الصهاينة وتمارس الفيتو ضد الحق حتي لو كانت كل دول العالم تدين هذا الموقف المنحاز فهي تمضي في تحديها لارادة العالم دون ان تفكر لحظة بمسؤوليتها كدولة عظمي لقد فتحت اجيالنا عيونها علي عدوين اساسيين (أميركا والدولة الصهيونية )وهما متساندتان ضدنا منذ نصف قرن حتي اليوم وبينهما معاهدة دفاع استرتيجية لذلك أميركا اختارت ان تكون العدو الاساسي للعرب والمسلمين رغم مصالحها الاستراتيجية في منطقتنا وعندما قام بوش بزيارة المراكز الاسلامية بعد زلته عن الحرب الصليبية فقد كان ذلك من باب التملق والنفاق المكشوف الذي لا ينطلي علي عاقل فقد اكد بوش في اللاشعور انه معاد للعرب والمسلمين وبدلا من القول ماذا نستفيد من عداوة أميركا علي ان نقول ماذا نستفيد من استجداء صداقة أميركا وهي تؤكد في كل حين أنها اختارت العداء لنا بسبب او دون سبب واخيرا اقول للدكتور الانصاري ان الاسلام لايدعو للارهاب ولايفرخ الارهابيين لانه دين سماحة وقيم سماوية وما يقوم به خطباء المساجد في حشد قوي الأمة يندرج في إطار الدفاع عن النفس ففي ثلاثة أسابيع سقط المئات من الفلسطينيين شهداء وضحايا للارهاب الاسرائيلي فماذا ينتظر الدكتور الانصاري منا ومن خطباء المساجد، هل ينتظر ان يشيدوا بما يرتكبه السفاح شارون من مجازر حتي ترضي عنا أميركاه؟
الدكتور ابراهيم الشهابي استاذ في كلية التربية بجامعة دمشق فند القول بان ماقامت به أميركا في افغانستان ليس من الارهاب فقال : احيل الدكتور الانصاري علي ماورد في كتاب لديفيد ديوك احد ابرز الكتاب الامريكيين وعضو كونغرس أمريكي إذ يقول : عندما ذهبت مادلين اولبرايت وزيرة الجارجية الأمريكية السابقة إلي منطقة البلقان نددت بلا أخلاقية كرواتيا أنها ترفض إعادة اللاجئين لكنها عندما جاءت آلي الشرق الأوسط لم تكتف بعدم التنديد بإسرائيل لرفضها عودة اللاجئين الفلسطينيين الي ديارهم بل زادت علي ذلك بان وجدت التبرير لبقاء الاستيطان في الأرض العربية! ألا تري أميركا ما تمارسه إسرائيل من إرهاب الدولة علي شعب اعزل وماذا يمكن ان نسمي ماقامت به أميركا في افغانستان غير الارهاب الذي يفوق ما تعرضت له من عدوان نحن العرب والمسلمين أدناه ونرفضه من أي جهة أتي لكن قتل الأبرياء لايمكن اعتباره دفاعاً عن النفس فهي لم تقتل بن لادن ولن تقتله ليبقي المبرر وهي التي صنعت بن لادن وامثاله وأمدت الطالبان بأسباب البقاء ، نحن لانسعي للعداء مع أميركا فهي التي تعادي العرب رغم مصالحها الاستراتيجية لدي العرب وتتعامي عن إرهاب اسرائيل وأنا ارفض ان تملي علينا أميركا أو غير أميركا تعديل مناهجنا الدينية والتربوية لان الاسلام لايعلم الارهاب كما يدعي البعض بل علي العكس الاسلام يعلم الحضارة والتسامح واذا كان هناك من يشتط في تدريس تعاليم الاسلام فعلينا تقويمه بانفسنا وليس بطلب من الاخرين ..ربما نكون مقصرين في اظهار حقائق الاسلام وعلينا ان نتعلم كيف نعرض الدين الاسلامي للناس كما هو بسماحته وشموله وهدايته.
الحهاد في الاسلام لم يشرع للعدوان وانما شرع للدفاع عن النفس والله سبحانه وتعالي يقول لا إكراه في الدين ويقول لن تهدي من أحببت فهذا اعتراف من الإسلام بالتعددية " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة " وهذا دلالة علي تمثل الإسلام لتعدد ية الحضارات والله عز وجل طالب عبيده من البشر أن يتفاعلوا " انا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم " هذا هو جوهر الإسلام وتعاليمه لكن الدعاوي الأمريكية تحاول أن تسلبنا ديننا بعد ان ساعدت المغتصب علي سلب أرضنا
واخيرا الدكتور عمر موسي باشا أستاذ الأدب العربي في جامعة دمشق ورئيس فرع اتحاد الكتاب العرب يقول في معرض تعليقه علي الأفكار التي تبناها الدكتور الأنصاري؟
فلكل بلد الحرية الفكرية والسياسية ولايجوز لبلد آخر مهما علا شأنه أن يتدخل بالنظم التربوية والحياتية والأدبية لغيره من البلدان فمن العبث ان تأتي أميركا أو من يسير في ركابها ويطالبنا باعادة النظر في مناهجنا التربوية لتتوافق مع اهدافه او سياسته العولمية ان ذلك لو تدري أميركا سوف يؤجج العداء ضدها فعليها ان تكف عن هذا التطاول علي تراثنا وتاريخنا وديننا أما قول الانصاري بان الجهاد شرع وكأنه للعدوان فهذا قول مردود لان الجهاد بمعناه الإسلامي هو الدفاع عن النفس الذي تحض عليه كل الشرائع الإنسانية ومن يقوم بالدفاع عن نفسه وعن وطنه وكرامته ليس إرهابيا الا من وجهة نظر فاقدي أهلية الدفاع عن الوطن والكرامة والعقيدة والجهاد هو قمة الفضيلة لانه التعبير عن أسمي قيم الحياة، والإرهاب كما يمكن ان يلمسه أي انسان متحضر هو ما قامت به أميركا ضد شعب ضعيف فقير فقتلت الابرياء من النساء والاطفال وسوف يحكم عليها التاريخ بانها لوثت شرفها في افغانستان حين تمادت في استعراض عضلاتها العسكرية علي شعب اعزل تماما كما يحدث في فلسطين حين تتمادي إسرائيل في البطش والقتل ضد شعب اعزل مستندة الي الدعم الامريكي والسلاح الامريكي ثم يطالبنا الدكتور الانصاري ان نكون اصدقاء أميركا فمن قال ان أميركا تريد صداقتنا وهي تقدم الدليل كل يوم علي عداوتها وانحيازها الاعمي لعصابة احتلت الارض العربية وثبتت احتلالها بقوة الدعم الاميركي اما مايدعو الي الغرابة والاستنكار هو ان تطالبنا أميركا بتعديل مناهجنا التربوية وهل من الحق ان يدعو مفكر عربي اسلامي مثل الدكتور الانصاري بمثل هذه الدعوة التي تدل علي استلاب فكري وثقافي وانقياد وراء دعاوي امريكية صهيونية باطلة.
اما دعوة الدكتور الانصاري لعدم طباعة كتابي احياء علوم الدين للغزالي والكبائر للذهبي فهذا اجتراء علي التراث وفوق ذلك فالغزالي والذهبي من كبار العلماء والمفكرين في التراث وقد خلدا للانسانية كتبا عظيمة الشأن واعتقد ان الدكتور الانصاري قد ارتكب اثما وكبيرة من الكبائر في هذه الدعوة التي جانبها التوفيق فكيف ندخل العصر والحداثة دون ان يكون لدينا تراث نعتز به فكل حداثة تتخلي عن التراث إنما هي إفك وجحود بالدين والقومية والتراث واما دعوته الي وقف خطباء المساجد الذين يدعون الي الارهاب ويزرعون الكراهية وقوله ان الاسلام يمكن ان يفرخ الارهاب فلااعتقد ان عربيا ومسلما يقول مثل هذا الكلام الا إذا تخلي عن عروبته واسلامه وما يقوم به خطباء المساجد يندرج دائما تحت اطار الحض علي المعروف والنهي عن المنكر وحشد قوي الأمة لمواجهة التحديات والاسلام كما لابد انه يعرف كان المحتوي الحضاري لكل الأديان الأخري

5 comments:

q8ity said...

الله يرحمك يا بو قتيبه
بس يا ليت يا اخ عاجل تزودنا بتاريخ المقابلة او تاريخ نشرها لفهم المقابلو بصوره اكبر و ربطها مع الاحداث الدائره بتاريخها

عاجـل said...

q8ity


لو ضغطت على اول سطر لوصلت للجواب

q8ity said...

اشدعوه كمل جميلك و حطه اللنك حق الجريده مو مبين التاريخ بشكل واضح الا فوق صوب العنوان
عموما براي اهم ما قيل في هذه المقابله للدكتور رحمه الله عليه

المسألة لا تكمن في اللافتة المرفوعة للمرحلة سواء أكانت لافتة قومية أو يسارية أو إسلامية لكنها تكمن في .. هل من يرفع هذه اللافتة أو تلك يمتلك برنامجاً وأجندة محددة؟

هل لديه هدف واضح؟

هل لديه بوصلة محددة؟

ساره النومس said...

كبير يا بوقتيبة ..

والله كلامه عين العقل ... بالفعل هو مدرستنا .. عجبتني مدونتك ... وبزورها وايد ... يعطيك العافية

Beram ElMasry said...

عـــين الشــــمس عيانـــــة ومعصوبــــه بشـــال الليـــل
وفــــــــاس الحـــــزن منكـــودة ومرفوعـــة تهـد الحيـل
هجمـــت علينـــــــا عصابــــة زى الطوفــــان والســـيل
خلــــــــوا شبابنــــــا منكســــــر راضــــى يكـون الذيـل
باعـــــــــوا علينـــــــــا وهمهــم ووفـوا من دمانا الكيل
ولا خلـــوا فى البلـــد فــــارس ولا حتــى حداهــا خيــل