Friday, March 12, 2010

كويت أحمد الربعي

 في الطائرة، وأنا عائد من الكويت تذكرت المثقف والسياسي و«الإنسان» الجميل أحمد الربعي، الذي وافق الخامس من هذا الشهر ذكرى وفاته، حيث رحل «الاستثنائي» في 5 مارس 2008، بعد معاناته مع المرض اللئيم، الذي واجهه أبو قتيبة بكل حيوية وصلابة حتى أيامه الأخيرة
الذي ذكرني بالربعي هو وجودي في الكويت الأيام الماضية تلبية لدعوة من مجلة «العربي» الكويتية التي عقدت ندوة حافلة عن (الثقافة العربية في ظل وسائط الاتصال الحديثة). لا يهم هنا الإشارة إلى مضامين هذه الندوة ونقاشاتها، فبعض هذه النقاشات مكرر وبعضه جديد، وبعضه خارج إطار النقاش، على عادة العرب في تحويل كل شيء إلى جدل سياسي. فقد استمعت إلى جدالات من يُعتقد أنهم «نخب» عربية عن وجود مؤامرة خفية من أمريكا للسيطرة على حركات ونقرات العرب على الإنترنت، فكل نقرة إصبع عربي على الكيبورد مدرجة في ملفات (السي آي أيه) وتخضع للتحليل حسب كلام أحد ممثلي «النخب» العربية في الندوة
ما علينا.. كما يقول إخواننا المصريون. المهم أنني أجد أنه من الواجب تسجيل كلمة في حق جهود الكويت الثقافية، وقد صدق رئيس تحرير «العربي» سليمان العسكري حين قال في الندوة: إن العالم العربي عرف الكويت ثقافيا قبل أن يعرفه سياسيا، وأكبر مثال على ذلك مجلة «العربي» نفسها، التي شرقت وغربت في العالم العربي قبل بزوغ عصر الفضائيات والإنترنت، وقدم محتوى ثقافيا راقيا بسعر زهيد. وقد كانت هذه المجلة ترجمة حقيقية لهدف قرار إنشائها الذي صدر عام 1958، حيث جاء في النص الحكومي «رأت دائرة المطبوعات والنشر أن علينا واجبا ثقافيا يجب أن نضطلع به ونؤديه لسائر أبناء العروبة خدمة قومية مجردة من كل غرض أو هدف يفسد معاني الخدمة القومية الحقة»
ترأس تحرير «العربي» أسماء عربية لامعة في عالم الثقافة والصحافة مثل أحمد زكي وأحمد بهاء الدين، وصولا إلى المثقف الكويتي الجاد محمد الرميحي، ثم الملتزم سليمان العسكري
وأجيال تربت على هذه المجلة العظيمة، ومعها إصدارات المجلس الوطني للثقافة في الكويت، هذه الإصدارات التي غذت عقولا ونفوسا من موريتانيا إلى العراق، وبسعر زهيد يقارب المجاني
كل هذا تذكرته، وأنا أرتفع بالطائرة فوق مدينة الكويت وأتذكر كيف أسهم هذا البلد الصغير في إثراء العالم العربي كله ثقافيا، ثم أعود في كرسي الطائرة، أطالع في الصحف الكويتية أمامي فأجد عناوين الأخبار تتحدث عن مناقشة الرياضة النسائية حلال أم حرام، وخبر اغتيال مكذوب عن مرشح نيابي يميني، ومهرجانات خطابية وعظية وإنشادية.. ومع هذه الصور أتذكر أحمد الربعي المليء بالحلم المستقبلي، أتذكر كل هذا وأنا أودع أحد نجوم مجلة «العربي» الصديق إبراهيم المليفي، الذي كان له الفضل بتذكيرنا بزمن أحمد الربعي في مقاله الاستذكاري يوم وفاته


سلام لأحمد الربعي ولأحلامه الباقية، وسلام لكويت «عالم المعرفة» ومجلة «العربي»

مشاري الذايدي

Thursday, March 4, 2010

الذكرى الثانية لرحيل الربعي

يصادف اليوم 5مارس الذكرى الثانية لوفاة الدكتور احمد الربعي
---

Friday, February 12, 2010

فريق من أسوأ المحامين


أسوأ ما يمكن ان يواجهه الانسان هو ان يكون صاحب قضية عادلة ثم يسلم قضيته الى فريق من المحامين السيئين
هذا الذي يحدث من تفكير بعض العرب والمسلمين ردا على جريمة الكاريكاتير المسيئ لنبينا الكريم هو اشبه بحفلة ؟؟؟؟؟؟؟ وليس دفاعا عن قضية عادلة بحجم الاساءة لرسولنا
ماذا يعني حرق الاعلام الدنماركية في الضفة الغربية، وماذا يفعل الدنماركيون في الاراضي الفلسطينية المحتلة غير علاج المرضى ومساعدة الاطفال المحتاجين، وما علاقة دنماركيين متطوعين تركوا بيوتهم لمساعدتنا بمجنون رسم كاريكاتيرا يفوح عنصرية وكراهية
ماذا يعني ان تفجر كنائس في بغداد ثم يصدر بيان يقول ان ذلك جاء ردا على الإساءة للرسول، وما علاقة مواطنين عراقيين مسيحيين يحبون بلدهم وامتهم ويحترمون الاسلام بهذا المجنون الذي رسم ما رسم
العقل العربي تعميمي وشمولي. كثيرون لا يعرفونه انه لا علاقة بين حكومة وشعب الدنمارك بما يكتبه اي مجنون او شاذ. وكثيرون لا يعرفون ان رئيس وزراء الدنمارك لو طلب من اية صحيفة عدم نشر اي شيء، لربما وجد نفسه في الشارع، وكثيرون يعتقدون ان الحاكم في الدول الديمقراطية يمسك عصاة غليظة يهش بها على الناس، ويرفع سماعة الهاتف على الصحافة فتطيعه
ثم ما حكاية مقاطعة المنتجات الدنماركية. والتي وصلت الى درجة ان شيخا كالشيخ القرضاوي يقول انه مستعد لمقاطعة كل الدنيا وليس فقط الدنمارك، وانه يمكننا ان نكتفي باللبن والتمر، تخيلوا ان العرب يقاطعون اميركا وكندا واستراليا. كثيرون لا يدركون ان الدول العربية المكتظة بالسكان سينفذ عنها الخبز بعد اسبوع واحد من المقاطعة، تخيلوا أمة تقاطع البوينج والايرباص ومايكروسوفت وشركات صناعة السيارات ثم بعد ذلك وبالضرورة ستتوقف عن بيع نفطها وزيتونها وقطنها للعالم! أية امة تلبس ما يحيكه الاخر، وتستهلك ما ينتجه، وتأكل ما يزرعه ثم تهدد بمقاطعة العالم. من المتضرر، المنتج ام المستهلك. سيد نفسه الذي يزرع وينتج ويبدع، ام الذي يستهلك
تخيلوا مذيع قناة الجزيرة يسأل رئيس تحرير الصحيفة الدنماركية.. لماذا لا تهاجمون النبي عيسى! هل هناك اكثر من هذا الدفاع الاخرق عن قضية عادلة
سيبقى الرسول اكبر واشرف من كل هذا التطاول. وكل ما نقوله هو ان يفتح الله على قلوب امة محمد فتعود الى رشدها، وتتحدث بعقلها الذي هو اكبر نعم الله على الانسان

Friday, July 24, 2009

إيران.. قبل فوات الأوان

26/12/2006
الشرق الاوسط
مع التصعيد الإيراني للأزمة النووية تذكرت تلك القصة المعروفة التي تقول ان احد المحللين السياسيين كتب بحثا عن حتمية انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، وكان ان رد عليه الكثيرون متسائلين: ألم تشاهد الاستعراضات العسكرية الضخمة في الساحة الحمراء في موسكو؟ ألا تشاهد الصواريخ العابرة للقارات، ألا تعلم كم رأسا نوويا يمتلك الاتحاد السوفيتي؟ كيف يمكن ان تنهار قارة بهذه القوة العسكرية وبوجود حزب حديدي يحكمها؟كان جواب المحلل السياسي بسيطا.. نعم اعرف كل ما تقولونه لقد ذهبت الى موسكو ورأيت طوابير الجنود والضباط، وعرفت تفاصيل القوة العسكرية الضخمة، ولكن هذا كله لا علاقة له بتوقعاتي لانهيار الاتحاد السوفيتي. لقد تأكدت من المستقبل المظلم لهذه الدولة العظيمة عندما رأيت الطوابير الطويلة للروس تقف ساعات من اجل الحصول على رغيف خبز او قطعة لحم؟!التصعيد الايراني الجديد والعنيف ضد المجتمع الدولي، وقول احمدي نجاد ان قرارات مجلس الامن حبر على ورق، وان ايران ستنتصر على اميركا واسرائيل يدل على مشكلة حقيقية في طهران! وهي مزيج من الجهل بأوضاع المجتمع الدولي، والجهل بالوضع الداخلي الايراني، والاعتقاد الخاطئ بقوة وهمية لايران، وقراءة ايديولوجية دينية بحتة لا علاقة لها بالعلاقات الدولية ولا بموازين القوى! ما تفعله ايران فعله الكثيرون. العقيد القذافي تحدى المجتمع الدولي، واعتقد ان كتابه الاخضر سيسود العالم، وأنفق الملايين على الجماعات الارهابية من ايرلندا الى الفلبين، وكانت النتيجة ان استسلم طوعا وشحن الى اميركا كل صواريخه الكورية واعطاها قائمة بكل ما يملك، واعلنت ليبيا استسلاما طوعيا. وقبله عاند صدام حسين وتحدى وحشد الناس في الشوارع، ورفض كل مبادرات السلام فارتكب جريمته ضد ملايين الايرانيين الابرياء في حربه الأولى ثم استد ار على الكويت ورفض كل الحلول العربية والدولية، وانتهى في الحفرة الشهيرة!
وليت الايرانيين يتعلمون من تجربة كوريا الشمالية، فهذه الدولة حولت اموالها للسلاح النووي وتحدت العالم، وكانت النتيجة مجاعة حقيقية لملايين البشر الذين لا يحصلون على لقمة خبز، في وقت يعيش فيه ابناء عمومتهم في كوريا الجنوبية معدلات هائلة في النمو الاقتصادي
لا نعرف ان كان احد في طهران يصغي لأي نصيحة، ولا ندري ان كان احد يدرك الخطأ الجسيم للتصعيد الايراني مع الأمم المتحدة، وتبديد خيرات الشعب الايراني المحتاج الى كل قرش في سباق تسلح عدمي، ولكننا نقول من منطلق من يريد الخير لجيرانه ان السياسة الايرانية الحالية ستنتهي بمأساة، وانه يجب اعادة الحسابات بشكل اكثر دقة، وان الامور قد تتطور الى سيناريوهات لا تخطر على بال متخذي القرار السياسي في طهران بما فيها الخيار العسكري الذي يعتقد البعض خطأ انه مستحيل بسبب الوضع الاميركي في العراق.كل كارثة ستحل بايران- لا سمح الله- سيدفع ثمنها الجيران، وكل خير لايران سينعكس كذلك على الجيران، وكل خوفنا ان تعتقد ايران انها يمكن ان تسجل اهدافا في الوقت الضائع، وهي مغامرة قد ندفع جميعا ثمنها باهظا
احمد الربعي

Friday, February 27, 2009

وطني

احتفالية وطنية في جمعية الخريجين
زملائي المدونين الأعزاء وصلتني هذه الدعوة بالإيميل واتمنى أن تساهموا في نشرها
أنشر

Thursday, November 27, 2008

استجوابات انتقائية

بالمقلوب
استجوابات انتقائية
هناك من يتحرك من النواب ضد وزير التجارة عبدالله الطويل من خلال قناعاته، ولكن هناك من يتم تحريكهم بالريموت كونترول ممن يفترض ان يكونوا زملاء لعبدالله الطويل، والذين لديهم اجندتهم الخاصة وترتيباتهم التي لا علاقة لها بغلاء الاسعار ولا بمصالح المواطن .أولا ليحمد وزير التجارة ربه انهم لم يجدوا في أدائه الوزاري شيئا يستجوبونه عليه، وإلا لما ترددوا لحظة واحدة، ولذلك لجأوا الى مسألة زيادة الاسعار لأنها قضية تهم قطاعا من المواطنين، وهؤلاء النواب يحاولون خداع الناس بأن الوزير مسؤول عن ارتفاع الأسعار .نسأل أليس هناك علاقة بين رفع الرواتب وزيادة المعاشات التقاعدية وبين زيادة الاسعار، وكيف ان كل مناشدات المخلصين بعدم الاندفاع وراء سياسة رفع الرواتب دون ربطها بالأسعار ذهبت ادراج الرياح؟، ونسأل هل يمكن ان يصل برميل النفط الى سبعين دولارا، ولا يؤثر ذلك على معدلات التضخم وزيادة الاسعار على المستوى الدولي؟، وهل وزير التجارة مسؤول عن هذه الزيادة؟، ونتساءل أليس انخفاض سعر الدولار مع الطبيعة الخاصة للعلاقة بين الدينار والدولار هو احد أسباب ارتفاع الاسعار لانخفاض القيمة الشرائية للدولار في السوق العالمية؟ أصبحت اللغة السياسية في البلد مكشوفة الى درجة محزنة، فكم من استجواب قاده نواب تحركهم قوى سياسية متنفذة ضد وزراء بعينهم، إما لأن هؤلاء الوزراء وقفوا ضد التسيب والتلاعب، وإما بهدف احراج اطراف اخرى، وتكون الضحية في كل مرة هي البلد وتنميته عبر اضاعة الوقت والجهد في تأزيمات سياسية لا تنتهي !المساءلة السياسية ضرورية ومطلوبة، لكن الخطورة هي في الانتقاء في استجواب الوزراء على سرقة بيضة، رغم أهميتها، والصمت على سرقة الجمل بما حمل
دِ أحمد الربعي
5
سبتمبر
2005

Tuesday, November 11, 2008

وقف التجنيس السياسي

بالمقلوب
24 -9- 2005
التجنيس هو واحدة من اهم قضايا سيادة الدول، فكل دولة تقرر من تجنسه حسب حاجتها، خاصة بعد ان تستكمل تسجيل من يستحقون جنسيتها، ففي كندا واستراليا هناك تساهل في التجنيس، خصوصا اذا كان المتجنس يحمل شهادة وكفاءة عاليتينِ او كانت لديه اموال يمكن ان تساهم في الاقتصاد الوطني، وفي دولة مثل سويسرا تتشدد القوانين وترفض اعطاء الجنسية الا في اضيق الحدود
الذي يحدث لدينا اليوم هو فضيحة سياسية من خلال التجنيس السياسي ، وهناك قوائم يتم تقديمها من متنفذين ونواب، فتتم عملية ارضاء لهؤلاء، وتجنيس اشخاص دون تدقيق ودون تأكدِ كما ان هناك من يستحق الجنسية وحرم منها، لأنه لم يدخل اللعبة السياسية، والاخطر من ذلك ان هناك همسا تحول الى حديث، وقد يتحول الى صراخ عن رشاوى ومبالغ كبيرة دفعت مقابل التجنيس، وهو امر اذا صدق سيشكل كارثة وطنية كبرى .هناك تجنيس لأقارب متنفذين لا يستحقون الجنسية، وهناك استسهال في مسألة التجنيس دون النظر الى مدى انطباق القوانين، وهناك غياب للكفاءات في عملية التجنيس .لقد اضعنا على انفسنا فرصة كبيرة حين رفضنا تجنيس العديد من الكفاءات العربية المتعلمة والنادرة التي ولدت وعاشت بيننا، وقدمت خدمة كبيرة للوطن، ولقد عدنا الآن الى التجنيس السياسي عبر عمليات استرضاء وكسب الولاء السياسي على حساب الوطن والمستقبل .اننا نناشد سمو رئيس الوزراء التدخل شخصيا في هذه المسألة، والتأكد من ان ما يحدث ينطبق عليه القانون، وانه يتم دون تدخلات سياسية وضغوطات شخصية وانتخابية، والا فإن فوضى التجنيس سيدفع المجتمع ثمنها غاليا، وستضيع فرصة على من يستحق الجنسية، لمصلحة اشخاص لا تنطبق عليهم الشروط، ولا يقعون تحت مسمى 'الخدمات الجليلة 'عبر تجنيس سياسي بشع
د. أحمد الربعي
---

الداخلية تعقب على مقال الربعي

جاءنا من مدير ادارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي في وزارة الداخلية المقدم عادل احمد الحشاش ما يلي :تتوجه اليكم ادارة العلاقات العامة والتوجيه المعنوي في وزارة الداخلية بخالص تحياتها وأصدق التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك أعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركات .ونتوجه بالتحية والتهنئة أيضا الى الكاتب الدكتور احمد الربعي على ما يتناوله من قضايا تكشف عن ذهن مشغول بهموم الوطن وقلب ينبض بحبه .وبالإشارة إلى ما أثاره الكاتب في صحيفتكم الغراء في العدد رقم 11602 الصادر بتاريخ 2005 /9 /24 في زاوية 'بالمقلوب 'تحت عنوان 'وقف التجنيس السياسي 'ِِ نود إفادتكم علما بأن الإدارة العامة للجنسية ووثائق السفر قد أوضحت الحقائق التالية :الجنسية رابطة بين الفرد والدولة وهي رابطة انتماء وولاء لذلك فإنها لا تمنح لأي فرد إلا بعد التحقق من توافر شروط التجنيس والتحقق من ولائه وانتمائه لدولة الكويت، وبعد التأكد أيضا من عدم وجود أي قيود أمنية تجاهه من جانب الجهات المختصة .منح الجنسية يتم وفق أوضاع قانونية وضوابط معينة تراعى فيها المصالح العليا للبلاد والتحقق من صلاحية الفرد للانتماء الى هذا الوطن العزيز .منح الجنسية لا يتم مطلقا ارضاء لتدخلات سياسية أو ضغوطات شخصية وانتخابية على حساب الوطن والمستقبل بل لا بد من توافر شروط استحقاق الجنسية .هذا المنح أمر زمامه بيد الدولة ولها مطلق الحرية في تحديد العناصر الجديرة التي تنضم الى ابناء الوطن وفقا لمصالحها الاقتصادية والسياسية وظروفها الاجتماعية .شاكرين لكم حسن تعاونكمِِ وتفضلوا بقبول فائق الاحترام

Wednesday, October 1, 2008

مقابلة الربعي في الراية


مفاجأة الدكتور أحمد الربعي في حديثه لـ الراية
أؤيد د. الأنصاري والتيار القومي ارتكب أخطاء فادحة وتجربته رهيبة


أشك جملة وتفصيلا في رواية مطالبة أميركا للسعودية بتغيير مناهجها الإسلامية


هناك من يقرأ الإسلام في مناهجنا قراءة سياسية وليست شرعية لخدمة أهدافه


لا تهمني عناوين البقالات المفتوحة بقدر ما تهمني بضاعتها صالحة أم فاسدة


ليس بمقدورنا محاربة الآخرين بالعويل والصراخ.. المطلوب فهم الواقع بوعي وعقل


لا يجوز أن نهاجم شارون ونسكت عن بن لادن فكلاهما يرتكب الجرائم


طالبت قبل عامين بإسقاط طالبان بتحالف دولي عسكري.. المسلمون في صدارته


تراثنا ليس كله خيرا واجتهادات البشر في حاجة إلي إعادة النظر


المطلوب ألا نسمح بتسييس عقيدتنا من أجل مصالح حزبية ضيقة


حاوره: العزب الطيب الطاهر
أجهض الدكتور احمد الربعي المفكر القومي المعروف بالكويت ووزير التربية والتعليم السابق والنائب بمجلس الامة حاليا مشروع حوار كنت اظنه سيشتعل ردا علي الحوار الذي اجراه الزميل النشيط انور الخطيب مع الدكتور عبدالحميد الانصاري قبل ايام.
كان توقعي انني سأجد الدكتور الربعي غاضبا علي ما طرحه الدكتور الانصاري وبالتالي سأخرج بحصيلة فكرية مغايرة ان لم تكن مناهضة فأنا شخصيا استفزتني العديد من الطروحات التي احتواها حوار الدكتور الانصاري وبالتالي توجهت الي الدكتور الربعي بمقر اقامته بفندق ريتزكارلتون البعيد خلال زيارته الاخيرة للدوحة ضمن الوفد البرلماني الكويتي وانا علي يقين بأنني سأجد نصيرا في مواجهة بعض طروحات الدكتور الانصاري.
غير انني خرجت من الحوار مع الدكتور الربعي مهزوما هكذا اعترف لقد وجدته يؤيد بالكامل كل ما طرحه الدكتور الانصاري ولم يختلف معه الا في جزئية هامشية تتعلق بكتاب الامام الغزالي احياء علوم الدين.
وربما المفاجأة لم تكن في هذا التأييد الكامل والاقرار بصحة ما طرحه د. الانصاري ولكن في النقد اللاذع والحاد للمرحلة القومية التي كان الدكتور الربعي واحدا من افرازاتها والمدافعين عن توجهاتها ورموزها.
لقد حاولت قدر جهدي في الحوار ان اشاغب فكريا وسياسيا الدكتور الربعي ومع ذلك وجدته مصرا علي كل ما قاله مدافعا بقوة عن الدكتور الانصاري والقي بمزيد من الزيت بالقرب من النار المشتعلة منذ هذا الحوار الذي فجره انور الخطيب...
هنا حصيلة الحوار مع الدكتور احمد الربعي الذي ما زال محتفظا بحسه الانساني العميق وان كان قد اضفي عليه بعدا جديدا هو بعد الاهتمام بالنكتة والسياسية منها بالذات.
بالتأكيد تابعت الحوار الذي أجرته الراية مع الدكتور عبدالحميد الانصاري عميد كلية الشريعة والقانون والدراسات الاسلامية فما هي رؤيتك العامة للمضامين التي احتوي عليها هذا الحوار الذي اقام الدنيا ولم يقعدها في الدوحة والمنطقة؟ هل تري ان توقيت اثارة هذه المضامين مناسب؟ الا تعتقد انه بوسع ما طرحه الدكتور الانصاري ان يسهم في توسيع الفجوة بل اثارة الفتنة بين تيارات الامة علي حد وصف احد نواب مجلس الامة الكويتي؟
باديء ذي بدء. اشير الي جملة من النقاط المهمة فمن طرح هذه المضامين ويتحمل مسؤوليتها هو عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة قطر وبالتالي فنحن مع حجة مختص في مجال حديثه.
هذا اولا وثانيا ان الرجل لديه اجتهاداته وقد تكون هذه الاجتهادات انطوت علي مساحة هائلة من الصراحة والوضوح بحيث يصعب علي البعض ان يتحملها.
ثالثا: احسب ان هذه المقابلة الصحفية المهمة جاءت في ظرف استثنائي ومن ثم حاول البعض ان يربط ما تناولته من مضامين وبين ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر بالولايات المتحدة رغم انني كنت اقرأ للاستاذ الدكتور الانصاري افكارا شبيهه بما طرحه فيهذه المقابلة قبل هذا التاريخ وبالتالي ليس جديدا مطالبته بتغيير في المناهج ولقد قلنا منذ سنوات ورفعنا راية تغيير هذه المناهج وبالتأكيد فان الراية كغيرها من الصحف العربية تناولت هذه المسألة غير مرة وعبر اكثر من صيغة صحفية لكن عندما طرحت فكرة تغيير المناهج بعد احداث 11 سبتمبر فسر الامر وكأن الدكتور الانصاري يتبني الاجندة الاميركية في هذا الصدد. وهنا حدث يتجسد فيه وجه الخلط الذي ينطوي علي كثير من الظلم.
تغيير المناهج
نتوقف د. احمد عند هذه المسألة فالتخوف المطروح من الدعوة الي تغيير المناهج يكمن في انها تمتد الي المطالبة بحذف آيات قرآنية واحاديث نبوية تحث علي الجهاد ورفض التعامل مع اليهود وعدم موالاة الاعداء وقيل ان هذه مطالب اميركية تحديدا من بعض الدول الاسلامية؟
مما يحز في النفس ان كثيرا ممن بادروا بالرد علي الدكتور الانصاري انتابهم نوع من الخلط في هذه القضية فصورا الأمور وكأن عميد الشريعة والقانون بقطر يطالب بتغيير المناهج الاسلامية او تغيير ما هو جوهري وعقيدي فيها وهذا لا يمكن لاستاذ متخصص ومسؤول كالدكتور الانصاري او لاي شخص ان يقدم عليه.. ما هو مطروح في هذا السياق وهو امر عالجته من قبل احداث 11 سبتمبر غير مرة ان نفتش في مناهجنا لبحث ان كان هناك وجود لاي طرح يتم باسم الدين ظلما وعدوانا ويتعلق بمحاربة الاخرين وتغيير عقائدهم وبالدعوة الي الاحقاد والضغائن بين الاديان والجماعات المختلفة وهنا اود ان انبه الي اننا في العالم العربي نشكل فسيفساء متناثرة من المذاهب والاديان والقوميات. خذها من اليمن الي الجزائر ستجد في العالم العربي عشرات من المذاهب وعشرات الاجتهادات وبالتالي فان اي كلام سواء في الوسائط الاعلامية أو علي منابر المساجد يضر بالوحدة الوطنية لاي قطر عربي يجب الا يسمح به.
هناك من يقرأ الاسلام في مناهجنا قراءة سياسية وليس قراءة شرعية.. وذلك لخدمة برنامج سياسي وليس برنامجا عقيديا وهو ما يؤدي الي الخلط بين ما هو سياسي وما هو عقيدي حاشا لله ان يكون الدكتور الانصاري وانا او غيري ندعو الي تغريب مواطنينا او امتنا او ندعو لان يفرض علينا من الخارج تغييرا للمناهج الذي يطرحه بعض المعارضين للدكتور الانصاري.
ان ما ندعو اليه هو تخليص مناهجنا من اية شوائب تدعو الي كراهية الاخرين والي التطرف والي استخدام العنف والي التناحر وتفهم الجهاد بصورة خاطئة دون ان تفرق بين الدفاع عن النفس وهو امر مشروع وبين مقاتلة الاخرين بدون سبب وبدون ان يقاتلوك.
ان المطلوب هو الا نسمح بتسييس عقيدتنا من اجل مصالح حزبية ومصالح سياسية معروفة.
اود هنا ان اؤكد علي حقيقة مؤداها اننا نعاني في العالم العربي والاسلامي منذ فترة ليست بالقصيرة من تقديسنا لغير المقدس.. وهذه مسألة في غاية الخطورة علي شريعتنا فما هو مقدس هو كتاب الله: القرآن الكريم والسنة الصحيحة وليس اي حديث نبوي ضعيف.
اذن ما يقوله الآخرون من المجتهدين في كل المذاهب هو كلام بشر ويجب الا يغضب احد عندما نقوم بتوجيه النقد لأي شخص ونحن نرفض تسفيه افكار وآراء الآخرين لكن هؤلاء جميعهم مجتهدون.. كلنا قد رد ورد عليه الا صاحب هذا القبر في اشارة الي قبر الرسول صلي الله عليه وسلم.
وبالتالي فان الحديث ليس حديث مراجعة يطرحه د. الانصاري او غيره وانما هو طرح مسؤول لمحاولة تخليص مناهجنا من اي رؤي تشوب شريعة الله.
مطالب أميركية
لكن المسألة تكمن في تزامن هذه الدعوة في الوقت الذي طالبت فيه الولايات المتحدة باكستان باغلاق المدارس الدينية فيها والتي افرزت حركة طالبان وكما تردد فان واشنطن طالبت السعودية بتخليص مناهجها من آيات قرآنية محددة تتحدث عن الجهاد هنا تكمن الخطورة.
انني لا اعلم مصدر مقولة ان الولايات المتحدة طلبت من السعودية حذف آيات من الجهاد من مناهجها الدراسية انني اشك في هذه الرواية جملة وتفصيلا فالولايات المتحدة لديها معرفة بطبيعة الدين الاسلامي. علي الاقل في حدها الادني كما ان لديها معرفة ونحن كذلك بطبيعة الوضع في المملكة العربية السعودية فهي لا يمكن ان توافق علي الغاء الآيات الخاصة بالجهاد من مناهجها الدراسية تحت اي حجة من هذا الطرف او ذاك غير راض عن فكرة الجهاد.
هذا اولا وثانيا لماذا ننتبه الان الي ان باكستان قد اغلقت المدارس الدينية فيها في حين ان خطوة مماثلة اقدمت عليها الشقيقة اليمن عندما اغلقت المدارس الدينية فيها قبل سنة من الآن اي قبل احداث 11 سبتمبر بكثير وذلك بعد ان اشتكي الرئيس علي عبدالله صالح من ازدواجية التعليم الديني وجري حديث في الصحافة اليمنية عما افرزته هذه المدارس من تطرف وشطط بالاضافة الي ذلك فان عددا من الدول العربية الاخري قد اجرت اصلاحات في مناهجها الدينية قبل 11 سبتمبر ومن هنا فانني اري انه من الظلم الربط بين الدعوة الي تغيير مناهجنا وبين احداث 11 سبتمبر او بين مطالب اميركية في هذا الشأن
ثمة امثلة عديدة لمسؤولين عرب في اقطار عدة بما فيها الكويت وقطر والسعودية طالبوا وما زالوا يطالبون بتغيير المناهج بشكل عام من جهة وبشكل خاص من جهة اخري.. واحيلك الي المحاضرة القيمة التي القاها وزير الشؤون الاسلامية في السعودية قبل ايام في مؤتمره للدعاة تحدث فيها عن بعض الشوائب في الخطب والمواعظ الدينية التي تلقي بالمساجد ودعا الي توحيد او علي الاقل تقريب الطرح حتي لا تتشتت الامة داخل المساجد.. كما تحدث عن ضرورة تطوير قدرات الوعاظ وائمة المساجد.. واحسب ان ذلك من الاهمية بمكان ويجب ان نعترف ان احد اسباب الغلو والتشدد والتطرف في الجزائر وفي مصر وفي الكويت وغير ذلك من الأقطار وجود عدد من الأئمة والدعاة الذين كانوا يتبنون طرحاً غير مسؤول وينطوي علي قدر كبير من الكراهية للآخرين وتحريض للشباب الصغار قليلي الخبرة والفهم وأعتقد أن أفغانستان كانت نموذجاً حياً لذلك فقد كان يقال للشباب من علي منابر المساجد اذهبوا للجهاد في أفغانستان في حين أن هؤلاء الدعاة كانوا يدركون أن في أفغانستان حرباً أهلية يقاتل فيها المسلم مسلماً آخر ويعلمون أن الحديث النبوي الشريف يقول إذا تقاتل المؤمنان بالسيف فالقاتل والمقتول في النار ومع ذلك بسبب هذا الضعف في الوعي الديني وعدم الفهم لجوهر الإسلام فإن هؤلاء الشباب غرر بهم وسيقوا للموت في أفغانستان.
دور الأئمة والخطباء
إذن أنت مع دعوة الدكتور الأنصاري لإعادة النظر في وضعية الخطباء وأئمة المساجد الذين يحثون أيضاً علي الجهاد والدعاء علي الغرب والنصاري؟ هل تعتقد أن مطلوب فرض رقابة علي أئمة المساجد والخطباء في هذا الخصوص؟
الدكتور الأنصاري واحد من مجموعة كبيرة طالبوا قبل الحادي عشر من سبتمبر بضرورة الاستفادة من هذه المناسبة العظيمة- صلاة الجمعة- التي لم تتوافر لأي دين آخر علي الكرة الأرضية سوي الإسلام، والتي يجتمع في ظلالها المسلمون مرة كل أسبوع بحيث يتم التركيز في خطبتها علي قضايا التنمية والتطور والانفتاح والتقدم وفهم جوهر الدين.. لماذا تكون خطبة الجمعة مكررة ومملة في وقت تشكل فيه فرصة مناسبة لتعميق وعي الناس بحقائق الدين والقيم الخلقية والدعوة للتنمية.
إذن ما دعا إليه الدكتور الأنصاري في هذا الصدد هو محاولة لإصلاح خلل قديم.. فلماذا نربط هذه الحالة بالأحداث الأخيرة بحيث نبدو وكأننا نتلقي الأوامر من الولايات المتحدة وغيرها.
وما ذنبنا نحن الذين نطالب بالانتباه إلي خطورة ما يقال في المساجد من كلام أحياناً شاذ وخارج ومتطرف وينطوي علي كثير من الغلو.
هل يريد البعض أن يربط بين هذا الموقف المبدئي والقديم والثابت وبين أحداث 11 سبتمبر المستجدة؟ وماذا تعني الإشارة إلي أن الولايات المتحدة هي التي تطالب بذلك.. هل معتاد أننا في هذه المنطقة من العالم مجرد دمي تتحرك بأوامر واشنطن؟
إنه من الأهمية بمكان أن نعرف أنه إذا كان ثمة خللاً لدينا فيتعين أن نتعامل معه دون مبالغة، شخصياً أنا أختلف مع الدكتور الأنصاري في الجزئية الخاصة بكتاب إحياء علوم الدين للغزالي بشكل واضح وصريح فإن هذا الكتاب لا يركز علي قضية واحدة ولكن سفر عظيم وضخم ويمس قضايا متعددة وأنا شخصياً درست أجزاء من هذا الكتاب بتعمق أثناء إعداد أطروحتي للدكتوراه في تصنيف العلوم عند المسلمين وقد وجدت في هذا الكتاب الكثير من القضايا المهمة والأساسية.
لكن الدكتور الأنصاري أبدي ملاحظاته فيما يتعلق بموقف الكتاب من المرأة بالتحديد؟
بالنسبة لي لم أتعرف علي موقف الإمام الغزالي تحديداً من المرأة ولكن ثمة قضايا كما قلت مهمة يحتوي عليها كتاب إحياء علوم الدين فضلاً عن ذلك فإن الإمام الغزالي هو حجة الإسلام وأحد رموز الفكر الإسلامي بيد أنه عندما يخرج علينا عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة قطر ويبدي نوعاً من الاعتراض علي بعض ما احتواه كتاب الإمام الغزالي أو علي طروحات غيره فذلك لا يعني كفراً أو خروجاً عن الملة إنه اجتهاد يقابل اجتهاد فكما أن الإمام الغزالي بشر فإن الأنصاري بشر أيضاً كلاهما في موضع الاجتهاد.. ولكن ما يؤسف له أن الذين تحدثوا عن مقابلة الدكتور الأنصاري تركوا ما طرحه ووضعوا المسألة في إطار التهجم الشخصي.
الهجوم علي الذات
ألا يمكن أن يصب هذا المنحي باتجاه الهجوم الحاد علي كتب ورموز التراث الإسلامي وبالتالي ثمة إمكانية لأن يستغل ذلك أعداء الإسلام؟
يتعين علينا ألا نبالغ في مسألة العداء للإسلام، إذا حمينا أنفسنا.. فإنه عندئذ يمكن الحديث عن الآخرين إن المطالبة بإلقاء الكتاب- إحياء علوم الدين- فكرة مرفوضة بكل الأحوال- فثمة مشكلات أخري لأن هناك مجموعة من كتب التراث التي تنتمي إلي هذه الطائفة، أو تلك وبالتأكيد هناك ملاحظات لدي بعض الطوائف الفقهية علي الطوائف الأخري وإذاً سوف ندخل في حرب وبالتالي فإن إلغاء هذا الكتاب أو ذاك لن يحل المشكلة وهنا تكمن الجزئية التي اختلف فيها مع أخي الدكتور الأنصاري مع كامل تقديري واحترامي له ورغم كونه حجة في هذا المجال إلا أنني أعتقد أنه من المهم المحافظة علي كل كتب تراثنا بغثها وثمينها بما نتفق أو نختلف معهوان نترك للعقول المستنيرة البحث عما هو صالح ومحاولة إلغاء ما هو غير صالح وتراثنا في نهاية الأمر ليس كله خيراً بل إن هناك أجزاءً في هذا التراث في حاجة إلي إعادة النظر وهذا ليس عيباً فنحن لا نطالب بإعادة النظر في القرآن الكريم أو الحديث النبوي الصحيح معاذ الله.. ان المطلوب هو إعادة النظر في اجتهادات البشر بكل احترام وتقدير دون أن نلغيها أو نحاول الربط بينها وبين مستجدات الحياة وهذا ليس عيباً.
أميركا حليف
القضية الأخري التي شكلت موضع جدل واسع في حوار الدكتور الأنصاري هو طرحه لإشكالية العلاقة مع الولايات المتحدة فهو قدمها باعتبارها الحليف وحامي حمي الإسلام والمسلمين برغم كل ما ناله المسلمون من أميركا في فلسطين وفي أفغانستان وإلي حد ما العراق أنت من منظور موقعك كمفكر قومي كيف تنظر إلي هذه الرؤية التي طرحها الدكتور الأنصاري تجاه أميركا؟
في هذا الصدد أود أن أؤكد جملة من الحقائق:
أولاً: عندما نثير مفردة أميركا باعتبارها تجسد كتلة بشرية واحدة وعالماً واحداً ومعني واحداً.. فإن ذلك سوف ينطوي علي غباء شديد لأن أميركا هي مجموعة من العوالم والثقافات والحضارات والأديان والألوان يشكل المسلمون والعرب فيها 7 ملايين من مجموع سكانها.
ثانياً: إن أميركا دولة مفتوحة وقد تمكن اليهود والصهاينة من فهم المجتمع الأميركي واستوعبوا قواعد اللعبة فيه واستفادوا منها فبدلاً من أن يمضوا حياتهم في توجيه الشتائم لأميركا قاموا بعمل حقيقي وهنا أذكر بأن علاقات الحركة الصهيونية بأمريكا لم تكن جيدة حتي سنوات قليلة وأشير هنا إلي أن الرئيس الأميركي الشهير روزفلت كان يحذر شعبه من اليهود وليس من الصهيونية فحسب غير أن هؤلاء اليهود والصهاينة لديهم برنامج فلم يقابلوا هذه المواقف بمواقف عدائية وإنما ظلوا يعملون ويتحركون حتي تمكنوا من اختراق المجتمع الأميركي وخلقوا لوبي صهيوني من الضخامة بمكان في الولايات المتحدة فلماذا لا نقلب نحن الصورة ونطالب أنفسنا بالحركة النشطة باتجاه لم صفوف العرب والمسلمين وحشد طاقاتهم داخل الولايات المتحدة.
ثالثاً : إن الولايات المتحدة أو بالأحري الشعب الأميركي تحديداً هو في رأيي الضحية الثانية للحركة الصهيونية بعد الشعب الفلسطيني فهناك ضحيتان لهذه الحركة وحسب الترتيب الشعب الفلسطيني هو الضحية الأولي بعد أن تم اجتثاثه من أرضه وتشرد في المنافي عبر الخمسين عاماً الأخيرة والضحية الثانية هو الشعب الأميركي المخطوف من قبل الصهيونية المتمكنة والقادرة والمنظمة والمتغلغلة في الإعلام وفي المال وفي كل موقع من مواقع الحياة وبالتالي علينا أن نعمل علي فك هذا الخناق من خلال قيامنا بطرح أنفسنا نحن كأمة متحضرة.. تخيل لو أن أسامة بن لادن الذي فجر مركز التجارة العالمي- توجه بملايينه وبقضه وقضيضه إلي أميركا وأقام فيها وافتتح مدرسة هناك ودعا إلي الإسلام بلغة متحضرة ما الذي كان يمكن أن ينتجه ذلك من مردود.
أود أن أذكر أن الرئيس كلينتون في آخر أيامه احتفل بافتتاح المسجد رقم 2000 بالولايات المتحدة والإسلام نفسه بدأ ينتشر بهدوء كما أن الشعب الأميركي أخذ في القبول بهذا الدين غير أن هذا الإرهاب الجنوني جاء ليقطع الطريق أمام كل هذا التطور للدين الإسلامي وللوجود العربي والإسلامي.
موقف لا أخلاقي
إنني علي قناعة بأن الموقف الأميركي تجاه القضية الفلسطينية هو موقف لا أخلاقي وغير منصف وغير نزيه وغير عادل ولكن السؤال الجوهري: ما العمل حيال ذلك؟ هل يكمن هذا العمل في توجيه الشتائم ضد الولايات المتحدة وهذا ما يوفر مناخاً جيداً لإسرائيل حتي تستفرد بها أم نعلن أننا ضد هذا الموقف وفي الوقت ذاته نتحرك داخل المجتمع الأميركي ونكثف وجودنا فيه ونعمل علي تقليل خسائرنا في الولايات المتحدة.
إن هذه الأعمال الإرهابية أعادتنا إلي المربع الأول وأجهضت إنجازاتنا التي تحققت علي مدي السنوات الماضية.
ومن هنا القضية ليست مرتبطة بكون الولايات المتحدة منقذاً أو عدواً أو مرتبطة بأبعاد أخلاقية أو عاطفية فواشنطن لا تتعامل معنا ضمن هذا المنظور وإنما هناك مصالح متشابكة بيننا وبين الولايات المتحدة وبالتالي يتوجب علينا أن نفهم ما هية المصالح الأميركية لدينا وماهية مصالحنا لدي واشنطن.
كما أنه علينا أن نعمل علي تصحيح الموقف الأميركي تجاه قضية الشرق الأوسط ليس بتوجيه الشتائم وإعلان رفض الآخر وإنما عبر محاولة التحرك والتفاعل مع هذا الآخر وإصلاح موقفه.
ألا تلاحظ أن الدكتور الأنصاري في طرحه ألقي بجملة من التلميحات المناهضة للتيار القومي وأنه كان وراء ضياع الأمة بطروحاته وشعاراته وهو موقف يثير فئة مهمة في الشارع العربي الآن فضلاً عن أنه يحاول أن يثير الغبار والظلال المعتمة علي هذا التيار ورموزه في حقبة الخمسينيات والستينيات؟
يا سيدي أنا أنتمي لهذا التيار القومي والتيار العربي ولكنني قد لا أختلف مع الدكتور الأنصاري علي هذا الصعيد وحسب اعتقادي أن تجربتنا في المرحلة القومية ليست بالتجربة التي يجب أن نشعل الشموع من أجلها، فلقد كانت تجربة رهيبة مليئة بالأخطاء وعلينا أن نقول ذلك علناً علي الملأ فإن هزيمة يونيو حدثت في ظل قوة التيار القومي وكنا نتحدث في هذه المرحلة بلغة عنترية وبالحديث عن هزيمة الآخرين وإسقاط 150 طائرة للعدو لكن الأمر انتهي إلي لا شيء.
إن المسألة لا تكمن في اللافتة المرفوعة للمرحلة سواء أكانت لافتة قومية أو يسارية أو إسلامية لكنها تكمن في .. هل من يرفع هذه اللافتة أو تلك يمتلك برنامجاً وأجندة محددة؟
هل لديه هدف واضح؟
هل لديه بوصلة محددة؟
يبدو لي أن هناك محاولة لتكرار الأخطاء مرة بعد مرة هناك أخطاء فادحة لليسار وللتيار القومي في تاريخنا المعاصر والآن يكرر التيار الإسلامي الأخطاء ذاتها التي ارتكبت في الماضي مع فارق التشبيه في بعض القضايا ولكن في النهاية إما أن نكون أمة متخلفة تطرح الشعارات الكبيرة التي لا يكون بمقدورها تنفيذها وتملأ الدنيا زعيقاً وصراخاً وعويلاً وهو بالتأكيد ما لا يمكن أن يبني حضارة أو أن نتواضع قليلاً وندرك حجمنا الحقيقي ونضع لأنفسنا برنامجاً واقعياً يمكننا من التقدم خطوة نحو الأمام ثم نتقدم خطوة أخري بعد أن نكون قد وقفنا علي أقدامنا.
في رأيي أن النقد يجب أن يوجه لكل التيارات وأنا ضد أن أتمترس وراء مفهوم قومي أو مفهوم يساري لنهاجم التيار الإسلامي لا يا سيدي علينا ان نتنبه الي الصفات المشتركة بين التيارات الثلاثة: القومي والاسلامي واليساري وهي صفات مشتركة خطيرة علي رأسها غياب البرنامج الواقعي. غياب الوعي لحقائق الحياة والاعتقاد بانه بمقدورنا هزيمة الآخرين بالعويل وبالصراخ وهو أمر جربته وفشلت فيه الحركة القومية وكذلك الحركة اليسارية والآن يتكرر ذات الخطأ لدي التيار الاسلامي.
لا اعتقد انه من العدل.. الآن وصف التيار الاسلامي بهذه الخصائص السلبية ثم نشير الي ان الحركة القومية كانت في حالة افضل.. لا.. ياسيدي لم تكن هذه الحركة في وضع أفضل..
إجهاض المشروع الحضاري
لقد برزت الحركة القومية وواجهت العديد من التحديات وفي مقدمتها التحدي الأميركي والصهيوني الذي لعب دورا في اجهاض مشروعها الحضاري.
ياسيدي التحديات دوما موجودة ولكن السؤال هو كيف ترد علي هذه التحديات سواء اكنت قوميا أو عروبيا أو اسلاميا أو يساريا. أنا لايهمني عنوان البقالة المفتوحة بقدر ماتهمني بضاعتها فماذا افعل بهذا العنوان اذا كانت هذه البضاعة فاسدة.. أما أنا يهمني إصلاح هذه البضاعة بالداخل ان الشعارات سهلة وليس هناك أسهل من ان يرفع المرء شعاراً، وما أكثر من رفع شعار القومية العربية والنظام في العراق نموذج لذلك بل ان النظم العسكرية بشكل عام رفعت شعار الحرية والوحدة الاشتراكية فجزأت الأمة وافقرت الشعوب ودخل الكثيرون السجون. ومن رفع شعار اليسار وطالبوا بالمساواة انتهي بهم الامر الي طبقية مخيفة.
والآن تطرح قضية الاسلام بنفس الطريقة المذرية والاعتقاد بأننا في حرب مع الآخرين..
مرة اخري اقول ان المسألة ليست هي العنوان المرفوع دائما ما يجسده هذا العنوان. لقد بات مطلوبا منا ان نتواضع قليلا وان ندرس تجربتنا بعقل وبوعي وان ننطلق من نقد واعٍ لهذه المسألة بدلا من ان ننطلق من مثل هذه الردود التي قوبلت بها طروحات الدكتور الانصاري والتي جاءت عنيفة ومقلقة وشخصية أيضا.
الإرهاب الأميركي
طرحت خلال مقابلة الدكتور الانصاري والردود عليها مسألة الإرهاب الأميركي والمؤكد ان هناك ارهابا مورس ضد أميركا وهو امر نقره ونعترف بخطئه ولكن في المقابل فان أميركا مارست الارهاب ايضا ضد الشعب الافغاني كيف تري ذلك.
انا أود ان اسأل هنا: لو ان شخصاً جاء الي القاهرة او بغداد وارتكب جريمة بشعة راح ضحيتها آلاف الناس كما حدث في نيويورك ثم لجأ هذا الشخص إلي افغانستان ووضع شعبها المسكين كمتراس يحتمي خلفه هل ستقول عندئذ انه لايتعين ان نضرب تلك الدولة لأن هذه الدولة اسلامية.
ياسيدي علينا ان نتخلص من عصبية الجاهلية فانا لست مستعدا للوقوف الي جانب اي شخص لكونه عربياً أو مسلماً فهناك عربي أو مسلم جيد وكذلك هناك عربي أو مسلم سييء هذا هو الخطأ الذي ارتكبناه في الحرب العراقية الإيرانية لقد وقف العرب أو اغلبهم الي جانب العراق في هذه الحرب بحجة انه يحمي البوابة الشرقية ثم انتهي بنا الأمر الي كارثة للجميع.
وفي السياق ذاته تمترس البعض خلف افغانستان بحجة انها دولة اسلامية. اننا لاينبغي ان نقف مع تجار مخدرات باعتبار انهم مسلمون.
لقد كتبت مقالة في الشرق الأوسط قبل احداث 11 سبتمبر بعامين طالبت فيها باقامة تحالف دولي عسكري علي رأسه الدول الاسلامية لاسقاط نظام طالبان وذكرت انذاك ان هذا النظام مصدر للشر ومصدر للارهاب ولتجارة المخدرات.
القضية بوضوح اما ان يكون لدينا مباديء تنطلق منها اولا تكون ومن المباديء الاساسية رفض الظلم بكل انواعه وتجلياته، كما انه لا يجوز ان نهاجم شارون ونسكت عن بن لادن.
هذه جريمة وتلك جريمة ليس لان ابن لادن مسلم وشارون يهودي فالجريمة جريمة والقتل قتل ومن قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا .
في رأيي ان اي دولة أو أي شخص يضع نفسه موضع الولايات المتحدة بعد ان واجهت احداث 11 سبتمبر فلن يفعل الا مافعلته في افغانستان ، لقد كنا خائفين ان تصل النتائج في افغانستان الي أسوأ مما بلغته ولكن نحمد الله ان عدد من قتل من المدنيين يعتبر قياسا لنوعية هذه الحرب محدود رغم ان موت شخص واحد في أي مكان هو أمر جلل بالنسبة لنا..
وثمة بعد اشير اليه هنا.. يتمثل في انه كانت هناك الاف العمائم الافغانية تقاتل آلاف العمائم الافغانية الاخري صحيح ان الولايات المتحدة قدمت السلاح والعون العسكري لكن القتال كان بين الافغانيين انفسهم وعندما سقطت حركة طالبان خرج الناس يرقصون في الشوارع فرحا.
وبالتالي لاينبغي فهم الامور بهذه الطريقة بحيث ترتكب جريمة في نيويورك فنسكت عن افغانستان لانها دولة اسلامية ان ذلك يعيدنا الي العصبية الجاهلية قبل الاسلام وهذا أمر لم يعد مقبولا ويجب اعادة النظر فيه. ان علينا ان ندين الارهاب سواء من الحكومات أو من الافراد او من الاحزاب او من المنظمات وعلينا ايضا الاننتقي في هذا الخصوص.. فمثلها ننتقد الموقف اللا اخلاقي للولايات المتحدة تجاه مايتعرض له الفلسطينيون كلمة في الاراضي المحتلة فإنه يتعين علينا ان نوجه الانتقاد ذاته للموقف اللا اخلاقي من أي جماعة حتي لو كانت تنتمي للعروبة والاسلام.
أطراف أخري
لكن الرد الاميركي علي ما حدث في نيويورك وواشنطن لن يتوقف عن حدود افغانستان فثمة اطراف عربية اخري مرشحة لان يمتد اليها هذا الرد كالعراق والصومال واليمن.
علينا ان نتواضع.. فقرار الحرب ليس قرارا وليس بيدنا وعندما تشن الولايات المتحدة حرباً فهي لن تسألنا النصيحة أو العون.
هذا أولا وثانيا فان العاقل هو من يحمي نفسه دون ان يتخلي عن كرامته او موقفه المبدئي خذ مثلا العراق فانه علي الرغم من كل المتغيرات التي نتجت عن أحداث 11 سبتمبر لاتري شيئا تغير فالخطاب السياسي هو ذات الخطاب الذي كان سائدا من قبل. لغة التحدي هي السائدة وثمة حديث عن هزيمة امريكا وانها تسقط في الوحل لو حاولت دخول الاراضي العراقية وان العراق ليس افغانستان وهو نفس الخطاب الذي كنا نسمعه قبل 11 عاما بعد غزو الكويت هذه اللغة انتهت فالزمن الآن ليس زمن لغة العنتريات والعاقل من يتعظ بنفسه.
المشكلة تكمن ايضا في توجه عدائي مضاد للعرب والمسلمين في الولايات المتحدة والغرب فثمة قوانين للإرهاب صدرت وثم ملاحقات تعسفية وملاحظات امنية بدون سند قانوني تمت ضد مواطنين عرب ومسلمين في أميركا وبريطانيا ودول اخري بما فيهم خليجيون.. الا ينطوي ذلك علي ممارسات ارهابية ايضا؟
ارجوك ان نضع انفسنا في مكان الآخرين فلو ان مجموعة اميركية داخل دولة عربية ارتكبت حماقة أو جريمة تخيل ما الذي يمكن ان يحدث للاميركان في بلادنا.
علقت ضاحكا: الأميركيون محترمون في بلادنا أيما احترام بالرغم من كل مايرتكبوه ضدنا.
قال: بغض النظر عن جنسية من يرتكب هذه الحماقة والجريمة كيف تتصور ردة فعل هذه الدولة العربية عندئذ بالاضافة الي ذلك لماذا نتوقف عند ماهو سلبي ونترك ما هو ايجابي.
وما هو ايجابي في نظري يتمثل في قيام الرئيس بوش بعد جريمة 11 سبتمبر بثلاثة أيام بالتوجه الي المسجد بواشنطن وتحدث الي المسلمين مؤكدا ان الاسلام بريء ولا علاقة له بهذه الجريمة ولايمكن تجريم الاسلام. لان ثمة مسلمين ارتكبوا هذا الفعل؟.
كما ان الكونغرس أصدر بيانا حول الاسلام وفي احدي المدن الأميركية قررت مجموعة من النساء المسيحيات ارتداء الحجاب لمدة ثلاثة أشهر حماية للمسلمات في هذه المدينة..
هناك قوانين تحكم العلاقات في الولايات المتحدة وانا اعرف لي طلابا كثيرين مازالوا يدرسون ولم يتعرضوا لشيء هذا لايعني انه لم ترتكب حماقات ضد العرب والمسلمين لقد ارتكبت مثل هذه الحماقات ولكن الشخصين اللذين قتلا احدهما قبطي مصري لانه عربي والثاني شخص هندي سيخي لانه بدا اشبه بالمسلمين.. اذن الموقف ليس رد فعل ضد الاسلام بقدر ما هي ردة فعل مباشرة حيال ماحدث.
ولعلك تذكر ردود الفعل المباشرة في الحرب اللبنانية بين الطوائف المختلفة بعد كل مذبحة من المذابح التي وقعت خلالها..
ولعلك تذكر ايضا احداث سبتمبر 1970 بين الفلسطينيين والاردنيين.
واخيرا.. بين الكويتيين والعراقيين في التسعينات ان طبيعة الاحداث الكبري تخلق حالة غير طبيعة من الافعال والافعال المضادة.
علي أي حال هناك محاولات من قبل المسؤولين الاميركيين والمسؤولين العرب لاحتواء مثل هذه التداعيات وأنا علي يقين بحكم معرفتي بالمجتمع الاميركي الذي عشت فيه للدراسة سنوات طويلة - لو ان احداث 11 سبتبمر وقعت في دولة غير الولايات المتحدة لوجدت بحرا من الدماء..
دمشق رأت في أفكار الدكتور الأنصاري جرأة وانقياداً وراء دعاوي باطلة
الطيب تيزيني : المناهج التربوية الأميركية تعتمد الجنس والعنف والمال
دمشق -عصام اباظة
فجر الحوار الصاخب الذي أجرته الراية مع الدكتور عبد الحميد الأنصاري عميد كلية الشريعة في جامعة قطر ردود فعل واسعة اتسم معظمها بالغضب الشديد لما اعتبره البعض جرأة علي الحق وتجاوزا علي المباديء وانقيادا وراء دعاوي باطلة فيما نظر البعض لأفكار الدكتور الأنصاري من زاوية نقدية فرأي أنها مجرد "خطأ يحتمل الصواب " لكن الكل اجمع علي رفض الاملاء ات التي تمثلها المطالب الأمريكية باعتبارها تدخلا سافرا في شؤون الأمة العربية والإسلامية.
فند المفكر الاكاديمي واستاذ الفلسفة بجامعة دمشق الدكتور الطيب تيزيني تأييد الدكتور الانصاري للدعوة الامريكية تجاه المناهج التعليمية في المنطقة فيقول :
لهذا الموقف حدان، قد نقول من خلاله بان مايطالب به الأميركان صحيح اذا كانت الدعوة للاصلاح ولكن في الحد الثاني سرعان ما ينكشف زيف هذه الدعوة الامريكية لان اصلاح مناهجنا اذا أريد له ان يأخذ مداه الحقيقي لابد أن يستجيب لاحتياجات الخصوصية التاريخية التي يمر بها الوطن العربي عموما ومن ضمنه السعودية التي خصها الدكتور الأنصاري بضرورة التغيير في مناهجها وكأنها المقصودة اكثر من غيرها ولذلك فان الدعوة بصيغتها المفتوحة ليس فيها مايحقق هذا الهدف واذاكان الأميركان حريصين فعلا علي ان تكون مناهجنا ذات بعد عقلاني وتنويري فان عليهم ان يدركوا انهم هم أنفسهم الذين بدأوا بالاستشراق وأسسوا بتلك القراءة اللاعقلانية والظلامية لتراثنا معتقدين ان هذا هو الصواب مما يجعل تراثنا من وجهة نظرهم دون العقل والتنور والحديث عن الفرقة الناجية التي اتكأ عليها الدكتور الانصاري اذا ما قريء بصيغ أخري وردت فيه فانه يمكن ان يفهم بوصفه دعوة الي التعددية والانفتاح ومن هذه الصيغ الاخري تلك التي يأتي فيها ان الامة ستفترق الي اثنين وسبعين فرقة كلها في الجنة ماعدا واحدة ..هذه القراءة الجديدة للحديث ولمجمل التراث الاسلامي هي علي كل حال من شأن المنطقة العربية ومفكريها ومصلحيها وبالتالي ليس واردا ان نكتشف ضرورة اعادة النظر في قراءاتنا للتراث من موقع املاءات اميركية.
اما عن قول الدكتور الانصاري بان الحهاد يدرس وكأنه شرع للعدوان فيرد الدكتور تيزيني بقوله: ربما هناك مجموعة من الفقهاء والمشرعين فهموا الجهاد علي هذا النحو ولكن مرة اخري هذه هي احدي القراءات وهناك قراءات اخري عقلانية مستنيرة تفهم الجهاد بوصفه جهادا اكبر وبوصفه ذودا عن النفس ودفاعا عنها ودعوة للخير وهنا اتساءل هل فعل الأميركان هذا الامر مع الطالبان حين هاجموا المدنيين الابرياء وحين قرروا مهاجمة بلد بكامله دون ان يقدموا حتي الان دليلا ماديا واحدا علي ضلوعهم فيما يزعمون انه الارهاب، ولنقل انه ارهاب من اسس لهذا الإرهاب هذا هو السؤال؟
ان المناهج الامريكية تقوم علي ثلاثية حاسمة هي ( الجنس والعنف والمال ) وهذا بالضبط هو موضع الإرهاب ومنطلق التأسيس له ولذلك فان القول بأن ماقامت به أميركا في أفغانستان كان عادلا كما يقول الدكتور الانصاري ربما يرتكز الي احساس يتمثل في الاعتقاد بأن من حق الولايات المتحدة ان ترفع العصا في وجه شعوب الارض ومع رفضي رفضا قاطعا لهذا المنطق انطلاقا من الخصوصيات الوطنية يمكن التأكيد ان الولايات المتحدة حينما تفعل ماتفعله فانما تسعي الي تعميم بنيتها العولمية الجديدة التي قد نختصرهابعبارة تعريفية مكثفة وهي النظام العسكري الاقتصادي الثقافي الذي يسعي الي ابتلاع الطبيعة والبشر وهضمهم وتمثلهم ومن ثم تقيؤهم سلعا.. وحين لايعتبر الدكتور الانصاري أميركا عدوة لنا ففي قوله مفارقة خطيرة تتمثل في انه يري في الولايات المتحدة عامل خير وتقدم وهو في هذا لايضع يده علي هذه الوحدة القاطعة التي انتجتها الولايات المتحدة مع المشروع الصهيوني الذي يمثل وجها آخر من العملية الاستعمارية وبذلك يتغاضي الدكتور الانصاري عن الشهداء الذين قضوا بسلاح امريكي ومباركة اميركية.
وبالعودة الي قضية المناهج السعودية وتأييد الدكتور الانصاري لاعادة النظر فيها حسب الرغبة الامريكية فانا اقول بان هذا اذا ماحدث في السعودية او غيرها فيجب ان يحدث ضمن اطار من التحديث والاصلاح بارادة وطنية وليس باملاء اميركي وفي هذه الحال اؤيد السعودية بعجرهاوبجرها الان علي ان يملي عليها شيء مما ينتجه الارهاب الاميركي ويصنعه ويعممه.
وعن الدعوة لمنع طباعة كتاب احياء علوم الدين للغزالي والكبائر للذهبي يقول الطيب تيزيني يبدو ان الدكتور الانصاري لايدرك اهمية ومفهوم التراث ككل، فالتراث العربي الاسلامي تراث نأخذه علي عواهنه ولكن حين نقوم بقراءته فاننا نمارس مناهجنا النقدية حياله بحيث نبرز جانبا دون آخر في اطارمرحلة ما تستوجب ذلك ..بمعني اننا ننخل التراث نقديا دون ان نغفل منه جانبا اوآخر وبالتالي نمارس حياله ما اسميه منهج القراءة النقدية التي تسمح لنا ان نستلهم منه مانستلهم ونتبني ما نتبني ونقصي ما نقصيه وظيفيا.
اماعن مقولة احترام بوش للاسلام فهذا موقف مضلل وربما لم يشاهد الانصاري علي شاشات الفضائيات مااحدثه جيش بوش في المسلمين من قتل الاطفال والشيوخ والنساء ولابد ان الدكتور الانصاري يعرف ان في علم النفس مايسمي ( زلات اللسان ) التي تفصح كثيرا عن خبايا صاحبها وحين تحدث بوش عن الحرب الصليبية الجديدة فانه كان يعنيها وقد فعلها .
الكاتب والاديب نصر الدين البحرة رئيس تحرير مجلة التراث العربي وعضو مجلس الشعب سابقا يقول في معرض تعقيبه علي حوار الدكتور الانصاري :
لايحق لأميركا ان تطلب منا اعادة النظر في مناهجنا اوتتدخل في تراثنا لانها اول من شوه تراثنا بما فعله المستشرقون الامريكيون في نظرتهم القاصرة والغريب ان أميركا لاتسمح لاحد ان يتدخل في مناهجها التي تقوم علي مفاهيم القوة والجنس فكيف تسمح لنفسها ان تتدخل في شؤون غيرها من دول العالم والاغرب ان يردد الدكتور الانصاري ماتطلبه أميركا المعادية لنا ولتاريخنا وحضارتنا وممارسات أميركا تشهد علي ذلك .
اما الجهاد في المفهوم الاسلامي فهو دفاع عن الاوطان وعن النفس وعن التراث وليس ارهابا او عدوانا علي احد، علي ان ماقامت به أميركا في افغانستان ليس الا الارهاب بعينه لانه قتل للابرياء المدنيين ومع ذلك فلم تقدم حتي اليوم الدليل المقنع لارتكاب هذه المجازر التي تدعي انها لمطاردة بن لادن وتنظيم القاعدة.
اما ان أميركا ليست عدوة للعرب والمسلمين فهذا ماتدحضه الوقائع التاريخية فقد كانت ولاتزال ضد العرب ومع الصهاينة وتمارس الفيتو ضد الحق حتي لو كانت كل دول العالم تدين هذا الموقف المنحاز فهي تمضي في تحديها لارادة العالم دون ان تفكر لحظة بمسؤوليتها كدولة عظمي لقد فتحت اجيالنا عيونها علي عدوين اساسيين (أميركا والدولة الصهيونية )وهما متساندتان ضدنا منذ نصف قرن حتي اليوم وبينهما معاهدة دفاع استرتيجية لذلك أميركا اختارت ان تكون العدو الاساسي للعرب والمسلمين رغم مصالحها الاستراتيجية في منطقتنا وعندما قام بوش بزيارة المراكز الاسلامية بعد زلته عن الحرب الصليبية فقد كان ذلك من باب التملق والنفاق المكشوف الذي لا ينطلي علي عاقل فقد اكد بوش في اللاشعور انه معاد للعرب والمسلمين وبدلا من القول ماذا نستفيد من عداوة أميركا علي ان نقول ماذا نستفيد من استجداء صداقة أميركا وهي تؤكد في كل حين أنها اختارت العداء لنا بسبب او دون سبب واخيرا اقول للدكتور الانصاري ان الاسلام لايدعو للارهاب ولايفرخ الارهابيين لانه دين سماحة وقيم سماوية وما يقوم به خطباء المساجد في حشد قوي الأمة يندرج في إطار الدفاع عن النفس ففي ثلاثة أسابيع سقط المئات من الفلسطينيين شهداء وضحايا للارهاب الاسرائيلي فماذا ينتظر الدكتور الانصاري منا ومن خطباء المساجد، هل ينتظر ان يشيدوا بما يرتكبه السفاح شارون من مجازر حتي ترضي عنا أميركاه؟
الدكتور ابراهيم الشهابي استاذ في كلية التربية بجامعة دمشق فند القول بان ماقامت به أميركا في افغانستان ليس من الارهاب فقال : احيل الدكتور الانصاري علي ماورد في كتاب لديفيد ديوك احد ابرز الكتاب الامريكيين وعضو كونغرس أمريكي إذ يقول : عندما ذهبت مادلين اولبرايت وزيرة الجارجية الأمريكية السابقة إلي منطقة البلقان نددت بلا أخلاقية كرواتيا أنها ترفض إعادة اللاجئين لكنها عندما جاءت آلي الشرق الأوسط لم تكتف بعدم التنديد بإسرائيل لرفضها عودة اللاجئين الفلسطينيين الي ديارهم بل زادت علي ذلك بان وجدت التبرير لبقاء الاستيطان في الأرض العربية! ألا تري أميركا ما تمارسه إسرائيل من إرهاب الدولة علي شعب اعزل وماذا يمكن ان نسمي ماقامت به أميركا في افغانستان غير الارهاب الذي يفوق ما تعرضت له من عدوان نحن العرب والمسلمين أدناه ونرفضه من أي جهة أتي لكن قتل الأبرياء لايمكن اعتباره دفاعاً عن النفس فهي لم تقتل بن لادن ولن تقتله ليبقي المبرر وهي التي صنعت بن لادن وامثاله وأمدت الطالبان بأسباب البقاء ، نحن لانسعي للعداء مع أميركا فهي التي تعادي العرب رغم مصالحها الاستراتيجية لدي العرب وتتعامي عن إرهاب اسرائيل وأنا ارفض ان تملي علينا أميركا أو غير أميركا تعديل مناهجنا الدينية والتربوية لان الاسلام لايعلم الارهاب كما يدعي البعض بل علي العكس الاسلام يعلم الحضارة والتسامح واذا كان هناك من يشتط في تدريس تعاليم الاسلام فعلينا تقويمه بانفسنا وليس بطلب من الاخرين ..ربما نكون مقصرين في اظهار حقائق الاسلام وعلينا ان نتعلم كيف نعرض الدين الاسلامي للناس كما هو بسماحته وشموله وهدايته.
الحهاد في الاسلام لم يشرع للعدوان وانما شرع للدفاع عن النفس والله سبحانه وتعالي يقول لا إكراه في الدين ويقول لن تهدي من أحببت فهذا اعتراف من الإسلام بالتعددية " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة " وهذا دلالة علي تمثل الإسلام لتعدد ية الحضارات والله عز وجل طالب عبيده من البشر أن يتفاعلوا " انا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم " هذا هو جوهر الإسلام وتعاليمه لكن الدعاوي الأمريكية تحاول أن تسلبنا ديننا بعد ان ساعدت المغتصب علي سلب أرضنا
واخيرا الدكتور عمر موسي باشا أستاذ الأدب العربي في جامعة دمشق ورئيس فرع اتحاد الكتاب العرب يقول في معرض تعليقه علي الأفكار التي تبناها الدكتور الأنصاري؟
فلكل بلد الحرية الفكرية والسياسية ولايجوز لبلد آخر مهما علا شأنه أن يتدخل بالنظم التربوية والحياتية والأدبية لغيره من البلدان فمن العبث ان تأتي أميركا أو من يسير في ركابها ويطالبنا باعادة النظر في مناهجنا التربوية لتتوافق مع اهدافه او سياسته العولمية ان ذلك لو تدري أميركا سوف يؤجج العداء ضدها فعليها ان تكف عن هذا التطاول علي تراثنا وتاريخنا وديننا أما قول الانصاري بان الجهاد شرع وكأنه للعدوان فهذا قول مردود لان الجهاد بمعناه الإسلامي هو الدفاع عن النفس الذي تحض عليه كل الشرائع الإنسانية ومن يقوم بالدفاع عن نفسه وعن وطنه وكرامته ليس إرهابيا الا من وجهة نظر فاقدي أهلية الدفاع عن الوطن والكرامة والعقيدة والجهاد هو قمة الفضيلة لانه التعبير عن أسمي قيم الحياة، والإرهاب كما يمكن ان يلمسه أي انسان متحضر هو ما قامت به أميركا ضد شعب ضعيف فقير فقتلت الابرياء من النساء والاطفال وسوف يحكم عليها التاريخ بانها لوثت شرفها في افغانستان حين تمادت في استعراض عضلاتها العسكرية علي شعب اعزل تماما كما يحدث في فلسطين حين تتمادي إسرائيل في البطش والقتل ضد شعب اعزل مستندة الي الدعم الامريكي والسلاح الامريكي ثم يطالبنا الدكتور الانصاري ان نكون اصدقاء أميركا فمن قال ان أميركا تريد صداقتنا وهي تقدم الدليل كل يوم علي عداوتها وانحيازها الاعمي لعصابة احتلت الارض العربية وثبتت احتلالها بقوة الدعم الاميركي اما مايدعو الي الغرابة والاستنكار هو ان تطالبنا أميركا بتعديل مناهجنا التربوية وهل من الحق ان يدعو مفكر عربي اسلامي مثل الدكتور الانصاري بمثل هذه الدعوة التي تدل علي استلاب فكري وثقافي وانقياد وراء دعاوي امريكية صهيونية باطلة.
اما دعوة الدكتور الانصاري لعدم طباعة كتابي احياء علوم الدين للغزالي والكبائر للذهبي فهذا اجتراء علي التراث وفوق ذلك فالغزالي والذهبي من كبار العلماء والمفكرين في التراث وقد خلدا للانسانية كتبا عظيمة الشأن واعتقد ان الدكتور الانصاري قد ارتكب اثما وكبيرة من الكبائر في هذه الدعوة التي جانبها التوفيق فكيف ندخل العصر والحداثة دون ان يكون لدينا تراث نعتز به فكل حداثة تتخلي عن التراث إنما هي إفك وجحود بالدين والقومية والتراث واما دعوته الي وقف خطباء المساجد الذين يدعون الي الارهاب ويزرعون الكراهية وقوله ان الاسلام يمكن ان يفرخ الارهاب فلااعتقد ان عربيا ومسلما يقول مثل هذا الكلام الا إذا تخلي عن عروبته واسلامه وما يقوم به خطباء المساجد يندرج دائما تحت اطار الحض علي المعروف والنهي عن المنكر وحشد قوي الأمة لمواجهة التحديات والاسلام كما لابد انه يعرف كان المحتوي الحضاري لكل الأديان الأخري

Thursday, August 28, 2008

ندوة الرياض الهامة

ليبراليو السعودية في ندوة ثقافية
2006 الجمعة 3 مارس
سلطان القحطاني من الرياض: وسط تدابير أمنية مشددة عقدت امس الخميس ندوة عن التعليم ودوره في ثقافة الإصلاح التي تعتبر الأخيرة في ظل معرض
حضور من مختلف الأطياف الفكرية في السعودية لرياض الدولي للكتاب، وشهدت تكتلاً واسعاً من قبل ليبراليي السعودية بعد ذلك التكتل الإسلامي الذي شهدته ندوة سابقة تم خلالها إهانة مسؤولين سعوديين بشكل رسمي من قبل متشددين إسلاميين، وهو الأمر الذي استدعى اليوم زيادة التعزيزات الأمنية لحماية المشاركين في الندوة
والندوة التي اعتذر عنها الداعية الإسلامي الشيخ عائض القرني بسبب موعد له مع نائب الرئيس الإندونيسي، وحضرها كل من الدكتور عبدالله الغذامي وأحمد الربعي وهند الخثيلة ،حظيت بحضور واسع غصت به الخيمة البيضاء الواسعة نوعاً ما،في حين لم يكن الحضور النسائي بذلك المستوى الكبير رغم تذمر بعض الحاضرات من تصرفات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،وهي بمنزلة الشرطة الدينية في السعودية،والتي قيدت حريتهن في لبس الحجاب.
وعلى الرغم من أن البداية كانت للدكتور عبدالله الغذامي الذي قبلها مكرهاً بعد أن كانت رغبته في أن يكون آخر المتحدثين لكن قسما غليظاً من قبل الدكتور أحمد الربعي جعله يتنازل عن هذه الرغبة،وبذلك قرر أن يقدّم الدكتورة هند الخثيلة للحديث أولاً في الندوة،التي دعت في كلمتها إلى إحداث قفزات نوعية في البنية الثقافية السعودية،في ظل عدم استطاعة المؤسسات التعليمية "التخلص من التجارب السلبية"،وأنها أهملت الوعي للقيمة المهنية ما أدى إلى "غياب روح الفريق الواحد وانتشرت ظاهرة العمل الفردي".

الكاتب السعودي عبدالله الغذامي يلقي كلمته قالت الخثيلة في سياق ورقتها إن التعليم المهني في السعودية ما زال يُنظر إليه على أنه أدنى مرتبة في سلم التعليم وأنه مخصص للعوام فقط.وطبقاً لما تراه فإن "عدم وضوح الفلسفة السياسية للتعليم أدى إلى تفشي أساليب العنف والتطرف لحسم النزاعات الفكرية،وقادت إلى حالات من عدم الاتفاق وعلى ضوئه يُقترح مبدأ المشاركة في صنع القرار".
وبتقديمها كمتحدث أول في الندوة يكون المفكر السعودي الغذامي قد سدد ضربة للتيارات المتشددة بأن جعل امرأة أول المتحدثين في الندوة التي قومها مفكرون ذكور،وهو ما يسبب الضيق في نفوس إسلاميين سعوديين بدوا متأففين من هذا الفعل.
ومضت الخثيلة بصوت واثق تقول:"نحن بحاجة إلى أُطر تتمشى مع ثقافة الإصلاح وفقاً للرؤية الإسلامية وللاتجاهات الحديثة".وطالبت بـ"التصدي لظاهرة الأمية وتوسيع التعليم المهني وترقية الكفاية الداخلية من النظام المهني".

وكانت الدكتورة هند الخثيلة التي أمضت نحو ربع قرن في السلك التعليمي السعودي تتحدث من خلف ساتر أبيض واسع في آخر القاعة يضم القسم النسائي الذي
الكاتب الكويتي أحمد الربعي وهو يلقي كلمته في الندوه يشارك صوتاً فحسب،إذ لا يسمح في المملكة السعودية المحافظة بأن تكون هناك مؤتمرات ثقافية مختلطة بين النساء والرجال،الأمر الذي ينسحب على كل المجالات باستثناء المؤتمرات الطبية
كانت الخثيلة قد أثارت حفيظة أصوليين سعوديين وقت انعقاد مؤتمر الحوار الوطني السعودي الأول في الرياض،حينما ظهرت وهي ترتدي حجاباً يُحيط بوجهها ولا يغطيها وتتحدث مع مثقفين سعوديين،ما جعلها في عين العاصفة الأصولية لعدة أشهر.
ورفع منظر الحداثة الفكرية في المملكة العربية السعودية الدكتور عبدالله الغذامي قصاصة من صحيفة سعودية نشرت اليوم وحملت خبراً حول وجود مجموعات متشددة تريد أن تلقن الغذامي درساً خلال الندوة الثقافية التي تُعقد اليوم الخميس،وهو الأمر الذي أعلن أنه سينصاع له بالتأكيد قائلاً:"سأكون تلميذاً نجيباً لأي إنسان يريد أن يلقنني درساً".

جانب من الحضور الكثيف الذي شهدته الندوه تحدث الغذامي عن الداعية الإسلامية المعتذر عن الندوة الدكتور عائض القرني واصفاً إياه بالصديق الغائب،الذي بسببه قرر أن يعتذر عن حضور مؤتمر عربي في الإسكندرية بسبب هذه الندوة التي يكون فيها جنباً إلى جنب جوار الشيخ القرني،الذي لم يسبق له وأن جلس جواره من قبل.
وسرد على الحضور قصة اتصال الشيخ به على هاتفه المنزلي قائلاً له إننا نريد أن نقدم ندوة إيجابية.يعلق الغذامي على ذلك بالقول:"كانت درجة علاقتي به (القرني) شيئا من التقدير،لكنها تحولت إلى محبة له.لقد صدمت باعتذاره عن الندوة "
وفي سياق ورقته عبر عن إيمانه بنظرية المؤامرة:"أنا خريج الستينات والتيار العروبي الذي يرى أن أميركا ضدنا.أنا مؤمن بوجود المؤامرة وهي ليست من أميركا فقط.المؤامرة نسق تاريخي موجود.هي حقيقة تاريخية موجودة.نحن لو كان بأيدينا لتآمرنا على أميركا.المؤامرة صراع حيواني الكبير يأكل الصغير"

وقال الغذامي إن "التعليم ثغرة" لا بد من الالتفات إليه بشكل جدي. سردتفاصيل حضوره ندوة الداعية الإسلامي الشيخ سلمان العودة الذي يعتبره مراقبون أنه رأس الإسلام السياسي في المملكة العربية السعودية،وأنه كان حضوراً يندرج في إطار المجاملة لكنه تحوّل إلى أبعد من ذلك،إذ حمد الله على حضوره إلى تلك الندوة حسب ما قال أمام الحضور الذي يجاوز الألف،في احتشاد ثقافي لم يسبق له مثيل سوى تلك الأمسية الشعرية للشاعر العراقي الجواهري قبل أعوام،آن هبت الرياض عن بكرة أبيها لحضور الأمسية،وكانت سابقة ثقافية في تاريخ العاصمة الصحراوية
وتحدث الغذامي عن الشيخ عبد الرحمن السعدي الذي كان جاراً له وأباً روحياً بأنه أفتى قبل سبعين سنة بإمكانية الرجم بعد الزوال لو كان في صالح المسلمين وأن الفتوى كانت مختفية ولم يتطرق لها أحد من العلماء المسلمين،وتم إغفالها من قبل تيارات إسلامية ذات رؤية متشددة.
والتقطت عدسات التصوير صورة لرجل دين سعودي يحمل رضيعة في يده لم يعرف سبب ذلك،رغم ما قاله بعض الحضور بأنها طفلة لقيطة كان يود ان يستغلها محوراً للحديث بقوله أن هذا ما أنتجته لنا ثقافة الحداثة والليبرالية.
وبحديثه عن العودة يكون الغذامي قد وجه ثاني لفتة إلى التيار الإسلامي المحافظ عبر الإشارة الإيجابية لرمزية العودة والقرني،ومن ثم يتحدث عن تتلمذه على يد رجال دين سعوديين آخرين كان من بينهم الشيخ محمد بن عثيمين،بعد أن كان الغذامي خلال عقدين وأكثر تحت مرمى النيران الأصولية التي ترى فيه خصماً لها،من خلال أطروحاته التي كانت تعمل النظر في الحداثة وتفاعلها سعودياً
ختم الدكتور عبدالله الغذامي ورقته بأربع جمل:"منهجنا فيه عيوب كثيرة.منهجنا لن يُصلح أحداً،إذاً لن يُصلح نفسه.أرجوكم أرجوكم لا تدافعوا عن منهجنا.أعد من أراد أن يلقنني درساً أن أكون له تلميذاً نجيباً".
رأى الدكتور أحمد الربعي أن الرياض هي العاصمة "الأحوج إلى الحوار". وقال:"أعتقد أن هناك حراكاً فكرياً مهماً جداً في هذه المدينة.هذا الحوار هو البديل عن حوار القتل وحوار الإرهاب والإقصاء".في إشارة إلى الهجمات الإرهابية التي يقوم بها إسلاميون متطرفون في السعودية منذ نحو عامين ينتمون إلى تنظيم القاعدة.
وأفصح الربعي عن تشاؤمه:نحن في مرحلة لا أحد يعلم إلا الله إلى أين ستأخذنا.قتل،سيارات مفخخة،جز رؤوس.نحن في بيئة أزمة.إذا أردنا أن نتطور علينا أن نعترف أننا مجتمعات تعددية".
وختم قائلاً:"الوطن للجميع.لابد أن يكون هناك تعليم لتعليم الانتماء إلى الوطن.نحن بحاجة إلى ثورة في التعليم.نحن بحاجة إلى تغييرات جذرية في التعليم.لابد أن يكون هناك مشروع وطني للتعليم يشتغل عليه مختصون برفقة صناع القرار.نحن لدينا الإمكانية لأن نفعل ما هو أكبر مما لدينا الآن".
وجاء دور المداخلات التحريرية والشفوية التي أنهك القاص السعودي مدير الندوة عبدالله الناصر محاولات ضبطها للالتزام بالوقت المخصص بواقع دقيقتين لكل مداخلة،إذ إنه وعلى الرغم من التنافر بين الليبراليين والإسلاميين السعوديين فإنهم بدوا سواء في عدم الالتزام بالوقت،وهي صفة عربية أصيلة كما علق حضور
.
وتساءلت إحدى المداخلات عن جدوى منع كتب سيد قطب في حين أن كتب الإلحاد والبعث تباع علناً،في حين أبدت الكاتبة السعودية أميرة كشغري تذمرها من المطاردة الدينية لها مطالبين بتغطية وجهها.
وخلال حديث متبادل ما بين الشيخ محمد الفراج والدكتور عبدالله الغذامي علت أصوات شباب إسلاميين مطالبين الغذامي بعدم مقاطعة الشيخ الفراج الذي أشار لهم بيده طالباً الصمت،بينما تحدث الغذامي بهدوء بعدها قائلاً إنه من توسط لكي يتحدث الشيخ الفراج،وإنه يوجه هذا الكلام للشخص الذي رفع صوته .
والشيخ الفراج كان من حضور الندوة التي شارك فيها رئيس تحرير صحيفة الرياض تركي السديري والوزير السعودي السابق محمد عبده يماني والمفكر الكويتي الدكتور محمد الرميحي،وشهدت أكبر أزمة في تاريخ المهرجانات الثقافية السعودية بعدما أهان متشددون المشاركين في الندوة،وطالبوا بإقالة وزير الإعلام السعودي الحالي الدكتور إياد مدني.
علق مثقف سعودي في حديث مع "إيلاف" على "ندوة الغذامي" كما سماها قائلاً:"لقد انتصر العقل اليوم"،في إشارة إلى الهدوء الأخلاقي الذي غلف اختلافات الطرفين السعوديين اللذين هم على شقاق دائم بعيد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)،وما تبعها من رياح تغيير تهب على المنطقة.

Friday, June 27, 2008

أربعائيات لا تموت

أربعائيات
دكتاتورية الغوغاء
16-11-2005
هناك دكتاتورية لا أحد يتحدث عنها. الجميع يخشاها. يرتعب من نقدها، ويشعر بالضعف أمامها. إنها دكتاتورية الغوغاء. دكتاتورية الأكثرية التي وقودها العاطفة وعدوها العقل، دكتاتورية من نوع خاص يخشاها المثقفون ومن يفترض فيهم أن يكونوا طليعة المجتمع وقادة الفكر
الساسة الانتهازيون لا يواجهون دكتاتورية الغوغاء، بل يركبون فوقها، يجدون فيها المخلص والمنقذ والمبرر لوجودهم ولاستمرارهم على كرسي القيادة، يعرفون ان الغوغاء على باطل، وأن الناس تركض نحو حتفها من دون وعي، وتصفق لقاتليها وسارقي خبزتها، بل إن الغوغاء هم من صنع الدكتاتور في التاريخ، صفقوا له، وامتدحوه وتطرفوا في مدحه، بل وأحيانا وضعوه في صف القديسين والملائكة، حتى إذا كبر الدكتاتور وتحول إلى ديناصور كبير عاد فأكل من صنعوه، وعاث في أموالهم وأعراضهم، تحول المصنوع إلى صانع، والمخلوق إلى خالق، أصبح الدكتاتور الذي صنعته الأغلبية التي تمتلئ بمظاهراتها الشوارع هو الجزار، ضحاياه صانعوه، قتلاه خالقوه، بينما يظل من يفترض فيهم أن يكونوا مثقفين وقادة للفكر عبيدا لدكتاتورية الغوغاء يصفقون معهم، يركبون موجتهم، يعتبرونهم سر أسرار بقائهم في مواقعهم ومناصبهم
«هاي هتلر»، هتف بها الملايين من الألمان، من الغوغاء في الشوارع حتى إذا استأسد القائد عاد يأكل ضحاياه، ووضع لهم أفران الغاز، وقادهم من جبهة حرب طاحنة إلى جبهة حرب أكثر طحنا، ثم صنع من الوطن الواحد دولتين شرقية وغربية، وأقام بينهما جدارا..!
في عواصم عربية وإسلامية عديدة تكرر المشهد. تغيرت الأسماء والأشكال والألوان لكن الجوهر واحد. غوغاء تصفق وجمهور يسكر بعواطفه، تشتم المستعمر الأجنبي وتصفق للمستعمر الوطني، وعقول غائبة تصنع القائد الفرد الضرورة، الذي وعد بتحرير البلاد والعباد وعاث فسادا، وسلم ما تبقى من الأرض للعدو
الساسة والمفكرون ومن يفترض بهم أن يكونوا طليعة المجتمع، رضي الكثير منهم بأن يكونوا صدى لطبل دكتاتورية الغوغاء، والذين تصدوا للغوغاء منهم من قضى، ومنهم من ينتظر..!
إنهم المثقفون الحقيقيون، هم الذين يرفضون حكاية الجمهور عاوز كده
---
الأسئلة المعلقة
18-4-2007
قال: كلما تأملت في الأشياء ازددت حزنا!، قلت: لا تحدق في الأشياء كثيرا.. نصف نظرة ذكية تكفي!قال: أشعر ان عمري قصير كعمر الزهور، قلت: ان الزهور لا تذبل في الحدائق، ولكنها تذبل في يد الباعة، وفي فاترينات المحلات، وحتى في أيدي العشاق، فإذا أردت الاستمتاع بالزهور فدعها وشأنها، وإذا أردت الاستمتاع بحياتك فتوقف عن عمليات القطف اليومي لروحك الشفافة! عامل نفسك برفق وعامل جسدك برفق، الترفق سر الحياة!قال: هل نحن نختار؟! هل لنا الحق بالقبول او الرفض؟! قلت: يموت الناس رغم ارادتهم، وباستثناء الموت والعشق، نحن نفرح ونحزن بمحض ارادتنا! نبتسم ونكشر بمحض ارادتنا، نكتب ونرسم ونغني بكامل ارادتنا
نقرأ الشعر ونصفف الزهور ونداعب الاطفال، ونحس بدفء الشمس بمحض ارادتنا!الانسان مسير اذا تنازل عن فكرة الاختيار، وألغى ارادته العاقلة واستبدلها بالقلق والحزن والبكاء على ما فات!، لكنه يمتلك حريته اذا توقف عن المزاح مع ما لا يمازح! المزاح مع الموت ومع العشق هو مؤامرة ضد انفسنا وضد ارادتنا العاقلة! الموت يأتي ضاربا كالبرق، ولا نملك سوى التسليم، والعشق يأتي مجلجلا كالرعد، ولا نملك امامه سوى الاستسلام! وبين صرخة الولادة الاولى مرورا بهذيان العشق الاول والاخير، وانتهاء بشهقة الموت الاخيرة، تظل المحطات تعمل بكفاءة عالية والركاب ينزلون ويصعدون بنظام كوني بديع، وستظل المحطات مكتظة بكثير من الغرباء!قال ما قال واختفى كالطيف! لكن حضوره ظل يملأ المكان والزمان! رائحة اسئلته القلقة تحرك الساكن من الرياح! وجهه النحيل الحزين يختصر حكاية شعورنا وكأننا ريشة في مهب الريح!ذهب وترك وراءه أسئلة معلقة كثيرة
د. أحمد الربعي

Saturday, April 12, 2008

Thursday, March 13, 2008

تكريما لهذا الرجل

الى جميع عشاق الدكتور أحمد الربعي
---
كنوع من الترجمة البسيطة لمدى امتناننا لفقيد الكويت الكبير
وجدت هذه المدونة خصيصا من اجل تجميع كل ما كتب عن الربعي في الانترنت
مقالات ومقابلات وأخبار وندوات ومقاطع فيديو
حتى نسهل مهمة الباحثين والمؤلفين عن حياة ذلك الرجل الرائع
المطلوب هو تزويدنا بوصلات تلك المواد وسوف نقوم بنشرها في بوست شامل
وفي المستقبل سنقوم بتنظيم تلك المواد بشكل مريح
اخوكم عاجل
---
هذه المدونة قيد الإنشاء ولم انتهي منها بعد ولكن من يريد البدء بتزويدنا بالروابط المتعلقة بالفقيد ادعوه للبدء فورا لأني في طور عملية اختيار مجموعة تكفي للبدء بصورة قوية تليق بمكانة صاحب المكتبة